الآخر بما (١) لا يجوز الإخلال بها في صورة المزاحمة (٢) ، ووجب (٣) الترجيح بها (٤) ، وكذا (٥) وجب ترجيح احتمال ذي المزية في صورة الدوران.
ولا وجه لترجيح (٦) احتمال الحرمة مطلقا ؛ لأجل أن دفع المفسدة أولى من ترك
______________________________________________________
الحرمة الأقوى ؛ كالصلاة في أيام الاستظهار ، فإنها إما واجبة إن كانت طاهرة ، وإما حرام إن كانت حائضا ؛ لكن حيث إنها لو كانت واجبة عليها واقعا كان وجوبها أهم من حرمتها ، نظرا إلى أن وجوبها ـ على تقدير ثبوته واقعا ـ ذاتي ، بخلاف حرمتها فإنها ـ على فرض ثبوتها ـ تشريعية ، فيرجح الوجوب على الحرمة ، ولذا يحكم بوجوبها عليها في تلك الأيام حتى لو فرض أن احتمال حرمتها ـ لاحتمال كونها حائضا ـ أقوى من احتمال وجوبها ؛ لاحتمال كونها طاهرة.
والمراد بشدة الطلب : قوة الملاك ، فإن المناط في أهمية طلب من طلب آخر هو : كون الملاك الداعي للمولى إلى أحد الطلبين أقوى وأشد من الملاك الداعي إلى الطلب الآخر ؛ إذ لا ريب في اختلاف الملاكات في جميع الأحكام الاقتضائية ؛ من الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة كما هو واضح.
(١) متعلق ب «زيادته». والمراد بالموصول : المرتبة والمثابة ، يعني : كانت شدة الطلب في أحدهما بمثابة توجب أهميته ؛ بأن تكون كاشفة عن زيادة في المصلحة ؛ بحيث لا يجوز الإخلال بتلك الزيادة ، بل يجب استيفاؤها بترجيح ما هي موجودة فيه من أحد المتزاحمين.
(٢) وهذا ما يستفاد منه القياس الثاني ، فإن الواجبين المتزاحمين إذا كان أحدهما أهم من الآخر كانت أهميته من جهة اشتماله على ملاك أقوى ومصلحة زائدة على مصلحة مزاحمه ، فتجب مراعاة تلك الزيادة.
(٣) عطف على «لا يجوز» وبيان له.
(٤) هذا الضمير وضمير «بها» المتقدم راجعان على الشدة والزيادة.
(٥) عطف على «لا يجوز» ، يعني : كما أن العلم بشدّة يكون مرجحا في المتزاحمين المعلومين ، حيث يتعدد الحكم فيهما حقيقة ، فكذا يكون احتمال أهمية أحد المحتملين مرجحا في صورة الدوران بين المحذورين ، الذي يكون الحكم الواقعي واحدا حقيقة دائرا بين الوجوب والحرمة.
(٦) هذا إشارة إلى القول الثاني في مسألة الدوران بين المحذورين ؛ وهو وجوب الأخذ بأحدهما تعيينا بترجيح جانب الحرمة على الوجوب ، وقد تقدم ذكر الاستدلال