فالخبر دل على رفع كل أثر تكليفي أو وضعي كان في رفعه منّة (١) على الأمة ، كما استشهد الإمام «عليهالسلام» بمثل هذا الخبر في رفع ما استكره عليه من الطلاق والصدقة والعتاق.
ثم لا يذهب عليك : أن المرفوع (٢) فيما اضطر إليه وغيره مما أخذ بعنوانه الثانوي :
______________________________________________________
فالمتحصل : أن استشهاد الإمام «عليهالسلام» على عدم الأمور المذكورة مع الإكراه على الحلف بها بحديث الرفع أقوى شاهد على كون المرفوع به هو جميع الآثار ؛ لا خصوص المؤاخذة. هذا ما أشار إليه بقوله : «فالخبر دل على رفع كل أثر تكليفي».
(١) بخلاف ما إذا لم يكن في رفعه منّة عليهم ؛ بأن كان رفعه بالنسبة إلى بعضهم مخالفا للامتنان على الآخرين ؛ كما إذا استلزم جريان البراءة بالنسبة إلى شخص ضررا على الغير ، فإن الحديث لا يرفع هذا الأثر الموجب رفعه ضررا على الغير ؛ لمنافاته للامتنان على الغير.
وقوله : «بمثل هذا الخبر» إشارة إلى الحديث المتقدم المروي عن المحاسن ، فإن شهادته بعدم اختصاص المرفوع بالمؤاخذة مما لا يقبل إنكاره ، ولا يقدح في ذلك : اختصاص النبوي المحكي في كلام الإمام «عليهالسلام» بثلاثة من التسعة بعد وحدة السياق ، وكذا لا يقدح فيه اختلافهما في بعض الكلمات ، فإن المذكور في النبوي المعروف : «ما استكرهوا عليه» ، وفي المروي عن المحاسن «ما أكرهوا» ، فإن مثل هذا الاختلاف لا يضر بما نحن بصدده كما هو واضح.
(٢) الغرض من هذا الكلام : بيان ما هو المرفوع بحديث الرفع.
يقول المصنف : إن المرفوع بحديث الرفع هو : الأثر الشرعي المترتب على الفعل بعنوانه الأولي الذي يقتضيه دليله ؛ لو لا حديث الرفع.
وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي أن التسعة المرفوعة في الحديث على قسمين :
القسم الأول : ما هو معنون بعنوانه الأولي كالحسد ، والطيرة ، والتفكر في الخلق.
القسم الثاني ما هو معنون بعنوانه الثانوي مثل ما لا يعلمون ، وما اضطروا إليه ، وما استكرهوا عليه والخطأ والنسيان ونحوها ، فإن هذه العناوين من العناوين الثانوية ولها آثار.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه إذا بنينا على كون المرفوع بحديث الرفع جميع الآثار ، كما صرح به المصنف بقوله : «فالخبر دل على رفع كل أثر تكليفي أو وضعي» فلا شك في أن المرفوع في القسم الأول آثار هذه الأمور بعناوينها الأولية ، فالمعنى : أنه لا أثر