.................................................................................................
______________________________________________________
أو إشارة إلى احتمال أن يكون «ما» في قوله «في سعة ما لا يعلمون» ظرفية أي : أن الناس في سعة ما دام لم يعلموا ، فإذا علموا وجوب الاحتياط لم تكن سعة ؛ إذ ما لم يعلموا محذوف المتعلق حينئذ ، ويحتمل متعلقه الحكم الواقعي وأن يكون أعم من الواقع والاحتياط ، وعلى هذا : يكون دليل الاحتياط واردا ، ويكون حاله حال ما لو قال المولى لعبده : «إذا لم تعلم شيئا فأنت في سعة» ، ثم قال له بالنسبة إلى «دعاء الرؤية» : واجب عليك ، وقال بالنسبة إلى «الإناءين المشتبهين». احتط عنهما ، فإنه لا شك في ورود كلا الدليلين على الدليل المتضمن للسعة ؛ كما في «الوصول إلى كفاية الأصول ، ج ٤ ، ص ٢٧٢».
خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدسسره»
يتلخص البحث في أمور :
١ ـ تقريب الاستدلال بحديث السعة على البراءة : أن الرواية تدل على البراءة ، سواء كان «ما» في «ما لا يعلمون» موصولة أو مصدرية ، فيكون مفادها على الأول : الناس في سعة التكليف الذي لا يعلمونه.
وعلى الثاني : أنهم في سعة ما داموا لا يعلمون ، ومن المعلوم : أن وجوب الاحتياط ينافي كونهم في السعة ، فينفى بالرواية ؛ إلا إن السعة في صورة كون «ما» موصولة مضافة إلى الما ، وفي صورة كونها مصدرية مقطوعا عن الإضافة فيكون منوّنا.
٢ ـ الإشكال على هذا الاستدلال : بأن الأخباري يدعي العلم بوجوب الاحتياط بما دل عليه من النقل ، فيكون ما دل على وجوب الاحتياط واردا على هذا الحديث الدال على البراءة في مورد عدم العلم بالحكم ؛ مدفوع : بأن الإشكال المذكور مبنيّ على أن يكون وجوب الاحتياط نفسيا ؛ بحيث يترتب الثواب على موافقة أمره ، والعقاب على مخالفته ، وليس كذلك بل وجوبه يكون طريقيا ، بمعنى : أن الاحتياط طريق إلى الحكم الواقعي المجهول قد شرع لأجل حفظ الواقع في ظرف الجهل ، فالعلم بوجوب الاحتياط لا يوجب العلم بالواقع حتى يرفع موضوع حديث السعة ـ وهو الجهل بالحكم الواقعي ـ بل الحكم الواقعي باق على مجهوليته.
فلا يكون إيجاب الاحتياط رافعا لموضوع حديث السعة ليقدم دليله عليه من باب الورود ؛ كما هو المفروض في الإشكال.