فصل
إنما الثابت (١) بمقدمات دليل الانسداد في الأحكام هو : حجية الظن فيها لا حجيته في تطبيق المأتي به في الخارج معها ، فيتبع مثلا في وجوب صلاة الجمعة يومها ، لا في إتيانها ؛ بل لا بد من علم أو علمي بإتيانها كما لا يخفى.
______________________________________________________
الظن بالاشتغال والامتثال
(١) المقصود من هذا الفصل : بيان عدم اعتبار الظن الانسدادي في مقام الامتثال ، بمعنى : أن الثابت بمقدمات الانسداد هو : حجية الظن في إثبات الأحكام الشرعية لا في إسقاطها وتطبيق المأتي به عليها ، فلو ظن المكلف بوجوب الدعاء عند رؤية الهلال كان هذا الظن حجة ، وأما لو شك في الساعة الثانية من أول ليلة من الشهر في أنه هل أتى بالدعاء أم لا؟ ثم حصل له الظن بالإتيان لم يكن ظنه هذا حجة ؛ بل يجب عليه الإتيان بالدعاء ؛ لأن مقدمات الانسداد لم تدل على حجية الظن بالامتثال ؛ بل لا بد وأن يرجع في مقام الامتثال إلى القواعد الخاصة بهذا المقام ؛ من استصحاب وقاعدة الفراغ وقاعدة التجاوز ونحوها.
فالظن الانسدادي إنما يكون حجة في مقام إثبات التكليف ، ولا يكون حجة في مقام إسقاط التكليف وامتثاله. هذا مجمل الكلام في المقام.
وأما تفصيل ذلك فيتوقف على مقدمة وهي : إن للعمل بالحجج ـ ومنها الظن الانسدادي ـ مرحلتين :
الأولى : إثبات التكليف واشغال الذمة به من علم أو علمي ؛ كقيام الدليل على وجوب صلاة الجمعة مثلا.
الثانية : امتثال التكليف وتفريغ الذمة عنه ، ولا ملازمة بين المرحلتين في حجية شيء ، بمعنى : أنه إذا صار شيء حجة في مرحلة إثبات التكليف واشغال الذمة به : فلا يستلزم ذلك أن يكون في مرحلة امتثاله والفراغ عنه حجة أيضا ، بتوهم : أن أصل التكليف لما كان ثبوته ظنيا ـ حسب الفرض ـ كان امتثاله ظنيا أيضا ؛ وإن حصل العلم بالإتيان بمتعلقه وانطباقه على المأتي به.