.................................................................................................
______________________________________________________
ولتوضيح كلامه وإيراد المصنف عليه ينبغي بيان النزاع في كيفية دخل قصد القربة في العبادة ، وحلّ إشكال الدور فنقول : قد نسب إلى الشيخ الأنصاري «قدسسره» أن قصد القربة كسائر الشرائط المعتبرة في المأمور به ، غاية الأمر : أن الشارع يتوسل لبيان اعتباره بأمر آخر غير الأمر المتعلق بذات العبادة ؛ كالصلاة التي أولها التكبير وآخرها التسليم ، فمدلول هيئة «صل» هو وجوب هذه الماهية بما لها من الأجزاء والشرائط عدا نيّة التقرب ؛ إذ من المعلوم أن هذا الأمر قاصر عن الدعوة إلى نفسه ؛ بل يدعو إلى متعلقه ، فيتوسل الشارع ـ إلى لزوم الإتيان بالصلاة على وجه قربي ـ بالأمر الثاني الدال على اشتراط الإتيان بتلك الماهية بداعي الأمر الأول ، وبهذا البيان يترفع محذور الدور ؛ إذ لم نقل بدخل قصد القربة ـ أي : قصد الأمر ـ في موضوع الأمر الأول حتى يتوجه المحذور من جهة تأخره عنه كي يتعذر أخذه في المتعلق.
والحاصل : أن الشيخ «قدسسره» قد صحح قصد القربة بتعدد الأمر ؛ كما مر في بحث التعبدي والتوصلي في كيفية دخل دخل قصد القربة في العبادة.
ولكنه قد صحح الاحتياط في العبادة هنا بوجه آخر ، وهو الإتيان بالفعل المجرد عن قصد القربة ، فإنه بهذا المعنى المجازي لا يتوقف على الأمر حتى يلزم الدور.
وتقريب هذا الوجه : أن مدلول الأمر في قوله «عليهالسلام» : «أخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت» ليس هو الاحتياط بمعنى الإتيان بالفعل المحتمل الوجوب والإباحة مثلا بجميع ما يعتبر فيه حتى قصد القربة ؛ حتى يتوجه عليه محذور الدور الذي أورده على ما تقدم من استدلال الشهيد في الذكرى ؛ بل وزان قوله : «احتط» وزان قوله : في الأوامر الواقعية مثل : «صل» في كون المتعلق هو ذات الفعل المجرد عن قصد القربة ، فمدلول هيئة «احتط» هو البعث على الفعل الجامع لتمام ما يعتبر فيه شطرا وشرطا إلا نيّة التقرب وهي قصد الأمر ، ويكون الاحتياط بهذا المعنى مأمورا بمقتضى الأخبار الآمرة به ، وحينئذ : فيقصد المكلف التقرب بهذا الفعل ـ كقضاء الصلوات احتياطا لأجل احتمال وقوع خلل فيها ـ بنفس الأمر بالاحتياط. وبهذا يتوجه صحة الفتوى باستحباب بعض الأعمال التي لا دليل على استحبابها في الشرع.
وقد ظهر : عدم لزوم محذور الدور ، أعني : توقف عنوان الاحتياط على الأمر به الذي يتوقف هو أيضا على الاحتياط ؛ كتوقف سائر الأحكام على موضوعاتها.
وجه عدم اللزوم : أنه إنما يلزم إذا أريد بالاحتياط في الروايات الآمرة به معناه