الثالث (١) : أنه قد عرفت أنه مع فعلية التكليف المعلوم لا تفاوت بين أن تكون
______________________________________________________
٢ ـ المرجع عند الشك في خروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء هو : أصل البراءة لا إطلاق الدليل.
في الشبهة غير المحصورة
(١) الغرض من عقد هذا التنبيه : بيان أمرين :
الأول : أن ما قيل من كثرة الأطراف بنفسها مانعة عن فعلية التكليف وعن تنجيز العلم الإجمالي فيها مما لا أصل له ولا دليل عليه ، وضمير «أنه» الأول كالثاني للشأن.
الثاني : أن مرجع الشك في عروض ما يوجب ارتفاع فعلية التكليف هل هو إطلاق الدليل أم أصالة البراءة؟
وخلاصة ما أفاده المصنف «قدسسره» في الأمر الأول : هو عدم الفرق بين الشبهتين مع فعلية التكليف المعلوم بالإجمال. وعرفت سابقا : أن المدار في تنجيز العلم الإجمالي للتكليف إنما هو فعلية التكليف من جميع الجهات لا قلة أطرافها ، فلو كان التكليف المعلوم بالإجمال فعليا تنجز بالعلم الإجمالي ، من دون تفاوت بين أن تكون الأطراف محصورة أو غير محصورة ، فلا ينبغي حينئذ عقد مقامين للشبهة الموضوعية التحريمية أحدهما : للمحصورة والآخر لغير المحصورة كما وصنعه الشيخ ، واختار في الثاني منهما عدم وجوب الاحتياط ، واستدل عليه بوجوه ستة أولها الإجماع ، راجع «دروس في الرسائل ، ج ٣ ، ص ٢٧٥».
وكيف كان ؛ فالمدار في تنجيز العلم الإجمالي عند المصنف إنما هو فعلية التكليف لا قلة الأطراف كما يقول الشيخ «قدسسره».
نعم ؛ ربما تكون كثرة الأطراف في مورد موجبة لعسر أو ضرر أو غيرهما مما لا يكون التكليف معه فعليا ، فلا يجب حينئذ الاحتياط ؛ لكن يمكن طروء هذه الموانع في الشبهة المحصورة أيضا ، فلا خصوصية لعدم انحصار أطراف الشبهة في عدم وجوب الاحتياط.
ولذا يقول المصنف : بعدم تفاوت بين الشبهتين مع فعلية التكليف بمعنى : أنه يجب الاحتياط فيهما معها.
ولكن الشيخ «قدسسره» بحث عنها مفصلا ، وذهب إلى عدم وجوب الاحتياط فيها من ناحية كثرة الأطراف ، وتبعه غيره من الأعلام ، فالمسألة حينئذ ذات قولين على الأقل. هذا تمام الكلام في الأمر الأول.
وأما الأمر الثاني الذي أشار إليه بقوله : «ولو شك في عروض الموجب» فتوضيحه