ومما ذكرنا (١) : ظهر الحال فيما اشتبهت حليته وحرمته بالشبهة الموضوعية من
______________________________________________________
وفي «منتهى الدراية ، ج ٥ ، ص ٤٢٩» ما هذا لفظه : «وقد تحصل إلى هنا أن المصنف «قدسسره» بيّن من صور الشك في التذكية ثلاث صور للشبهة الحكمية :
«الأولى : الشك في أصل قابلية الحيوان للتذكية ، وأنه خلق قابلا لها أم لا ، وقد عرفت : أن الجاري فيه هو الأصل الموضوعي ، أعني : استصحاب عدم التذكية ، فيحكم بنجاسته وحرمة لحمه.
الثانية : الشك في مقدار قابليته لها بعد العلم بأصلها ، فلا يعلم أن المترتب عليها هل هو الطهارة فقط أم هي مع الحلية ، وقد عرفت أيضا : أن الجاري فيه هو الأصل الحكمي ، فيحكم بطهارته استنادا إلى التذكية ، وبحلية لحمه استنادا إلى أصالة الحل.
الثالثة : الشك في بقاء القابلية لاحتمال ارتفاعها ببعض ما طرأ على الحيوان كالجلل ، وقد عرفت : أن الجاري هو الأصل الموضوعي أيضا ، أعني : استصحاب قابليته لها ، فيحكم بطهارته وحلية لحمه. هذا كله في صور الشبهة الحكمية من الشك في التذكية ، وأما صورتا الشبهة الموضوعية فسيأتي بيانهما إن شاء الله تعالى.
(١) هذا شروع في بيان صورتي الشبهة الموضوعية من الشك في التذكية ، يعني : ومما ذكرنا ـ من جريان أصالة عدم التذكية إذا شك في أصل القابلية ، كما في الصورة الأولى من صور الشبهة الحكمية ، وجريان أصالة بقاء القابلية إذا شك في زوالها بجلل ونحوه ، كما في الصورة الثالثة منها ـ ظهر حكم صورتي الشبهة الموضوعية بتقريب : أن منشأ الشك في التذكية إن كان هو الشك في وجود ما يعتبر فيها من إسلام الذابح ، وتوجيه الحيوان إلى القبلة ونحوهما جرى فيها أصالة التذكية ، فإذا شك في أن ذابح هذا الحيوان كان مسلما أم لا ، أو ذبحه إلى القبلة أم لا حكم بعدم كونه مذكى ، كما هو كذلك فيما إذا شك في أنه غنم أو كلب ، حيث عرفت في الصورة الأولى من الشبهة الحكمية أنه لا يحكم عليه بالتذكية.
وإن كان منشأ الشك فيها هو الشك في ارتفاع القابلية ، لاحتمال تحقق الجلل بأكل عذرة الإنسان مدة يشك في تحققه به فيها ـ جرى استصحاب بقائها ، فيحكم بكونه مذكى لكون الشك حينئذ في وجود الرافع ، كما كان استصحاب بقائها جاريا عند الشك في رافعية الجلل الموجود ـ لو فرض الشك في رافعيته شرعا كما تقدم في الصورة الثالثة من الشبهة الحكمية ، حيث عرفت : أنه يحكم عليه بالتذكية ، وهاتان هما صورتا الشبهة الموضوعية ، فمجموع الصور خمس كما عرفت.