فإنه يقال (١) : وإن لم يكن بينها (٢) الفصل ؛ إلا إنه إنما يجدي فيما كان المثبت للحكم بالإباحة في بعضها الدليل ؛ لا الأصل فافهم.
______________________________________________________
وبالجملة : فببركة عدم الفصل بين الموارد نلتزم بالبراءة في موارد تعاقب الحالتين أيضا ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٥ ، ص ٢٨٨».
(١) إشارة إلى الجواب عن السؤال المذكور.
(٢) أي : وإن لم يكن بين أفراد ما اشتبهت حرمته فصل ، إلا إنه ...
وحاصل الجواب : أن التلازم في الحكم بالإباحة بين أفراد ما اشتبهت حرمته وإن كان ثابتا ؛ إلا إن المثبت لأحد المتلازمين لا يجب أن يكون مثبتا للملازم الآخر مطلقا ، يعني : دليلا كان هذا المثبت أم أصلا ، بل إنما يثبته إذا كان هذا المثبت دليلا ، حيث إن الدليل يثبت اللوازم والملزومات والملازمات بخلاف الأصل ، فإنه قاصر عن إثبات الملازم الآخر ، مثلا : إذا قلنا بالملازمة بين الأمر بشيء والنهي عن ضده ، فإن ثبت الأمر بالدليل الاجتهادي ـ كالأمر بالصلاة الثابت بمثل قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) ـ ثبت ملازمه وهو النهي عن ضد الصلاة كالاشتغال بالكتابة فيما إذا ضاق وقت الصلاة ، وإن ثبت الأمر بالأصل العملي ـ كاستصحاب وجوب الصلاة لمن كان عليه فريضة وشك في الإتيان بها والوقت باق ـ لم يثبت ملازمه المذكور ؛ لعدم ثبوت اللوازم بالأصول العملية كما حرر في محله.
وكذا لو قلنا : بثبوت الملازمة بين حرمة العصير العنبي بعد الغليان وقبل ذهاب ثلثيه وبين نجاسته ، فإن ثبت حرمته بالدليل ثبتت نجاسته أيضا ، وإن ثبت بالأصل كاستصحاب عدم ذهاب ثلثيه لم تثبت نجاسته ؛ لما تقدم. وهكذا.
ففي المقام : إن كان المثبت للإباحة فيما لم يرد فيه نهي هو الدليل فلا إشكال في ثبوت الفرد الآخر الملازم لما لم يرد فيه نهي أعني : مجهول الحرمة ، وإن كان المثبت للإباحة هو الأصل ـ كما هو مفروض البحث ؛ إذ المثبت للإباحة فيما لم يرد فيه نهي هو الاستصحاب ـ لم يثبت به الملازم أعني : الإباحة في مجهول الحرمة ؛ لما قرر في محله من عدم حجية الأصل في اللوازم والملازمات ؛ إذ لم يقل أحد بحجية الأصل المثبت.
نعم ؛ إذا فرض التلازم بين الأفراد في الحكم مطلقا وإن كان ظاهريا ، فلا بأس به ، ولعل مقصود مدعي الإجماع المركب ثبوت الملازمة بين الأفراد المشتبهة حتى في الحكم الظاهري ؛ كما في «منتهى الدراية ، ج ٥ ، ص ٢٨٩».
قوله : «فافهم» لعله إشارة إلى : أن المثبت للحكم بالإباحة هو الدليل لا الأصل ، نعم ؛