ودلالته (١) تتوقف على عدم صدق الورود ؛ إلا بعد العلم أو ما بحكمه ، بالنهي (٢) عنه وإن (٣) صدر عن الشارع ووصل إلى غير واحد ، مع أنه ...
______________________________________________________
تجعل فيه الحرمة فهو مطلق ومباح ، وهذا خارج عن محل الكلام ، فإن الكلام فيما إذا شك في صدور النهي من المولى وعدمه.
وكيف كان ؛ فمعنى الحديث حينئذ : أن ما لم يصدر فيه نهي واقعا ـ بمعنى سكوت الله تعالى عنه ـ فهو حلال ، في مقابل ما إذا صدر النهي عنه واقعا فليس حلالا وإن لم يعلم به المكلف ، فوزان هذا الحديث حينئذ وزان حديث السكوت أعني : قوله «عليهالسلام» : «... وسكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا فلا تتكلفوها» (١) ، وعليه : فلا يصح الاستدلال به على البراءة.
والوجه فيه واضح ، فإن المقصود إثبات البراءة في كل ما لم يصل فيه نهي إلينا ؛ لا فيما لم يصدر فيه نهي واقعا.
والحاصل : أنه مع احتمال إرادة الصدور من الورود لا موجب للجزم في خصوص الوصول حتى يتجه الاستدلال به على البراءة.
وهناك كلام طويل تركناه رعاية للاختصار.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
(١) هذا تعريض بما أفاده الشيخ في الاستدلال بالمرسلة حيث قال : بأن دلالته على المطلب أوضح من الكل (٢). وقد عرفت اعتراض المصنف ، فلا حاجة إلى التكرار. وقد عرفت اعتراض المصنف ، فلا حاجة إلى التكرار.
(٢) متعلق بقوله : «العلم». وضمير «عنه» راجع على شيء ، وضمير «بحكمه» إلى العلم ، والمراد بما يحكم العلم : هو الأمارة غير العلمية.
(٣) كلمة إن وصلية يعني : أن الاستدلال بهذا الحديث للبراءة يتوقف على أن يكون ورود النهي بمعنى وصوله إلى المكلف بالعلم به أو ما هو بحكمه كالأمارة المعتبرة ، ليكون معنى الحديث : أن ما لا يعلم المكلف حرمته فهو حلال ، سواء لم يصدر فيه نهي أصلا أم صدر ولم يصل إلى هذا المكلف ، وعلى أن لا يصدق الورود على مجرد صدوره وإن لم يعلم به المكلف كما هو مبنى استظهار الشيخ «قدسسره» ، وحيث إنه يصدق الورود على مجرد الصدور أيضا فلا يتم الاستدلال به على البراءة.
__________________
(١) نهج البلاغة ٤ : ٣٤ / ١٠٥ ، الوسائل ١٥ : ٢٦٠ / ٢٠٤٥٢.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٤٣.