وهي
التي ينتهي إليها المجتهد بعد الفحص (١) واليأس عن الظفر بدليل مما (٢) دل
______________________________________________________
هو : كون الأصول
العقلية في طول الأصول الشرعية ، ولازم ذلك : أن لا تصل النوبة إلى الأصول العقلية
؛ إذا ما من مورد إلا وفيه أصل شرعي كالبراءة الشرعية وغيرها ، فالحق : أن الجميع
في عرض واحد ، وأن الاختلاف في التسمية لأجل الاختلاف في المصدر والدليل.
إذا عرفت هذه
الأمور ، فنرجع إلى توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية» كما هو
العادة.
(١) يعني : أن
رتبة الأصل العملي متأخرة عن الدليل ، فلا تصل النوبة إليه إلا بعد اليأس عنه ؛
لتوقف موضوع الأصل العملي ـ وهو الشك في الحكم الواقعي ـ على عدم الدليل عليه ؛
فمعه لا موضوع للأصل ولو تعبدا ، ثم إن توصيف الأصول العملية بما أفاده إنما هو
لإدراجها في المسائل الأصولية ، وإخراج القواعد الفقهية ؛ كقاعدة : «ما يضمن
بصحيحه يضمن بفاسده» عنها.
أما
الأول : فلأن الأصول
العلمية لا تقع في طريق الاستنباط ؛ لعدم انطباق ضابط المسألة الأصولية عليها ،
حتى تكون من المسائل الأصولية التي هي كبريات القياسات المنتجة ـ بعد ضم صغرياتها
إليها ـ لأحكام كلية فرعية ؛ إذ ليست الأصول العملية إلا وظائف للجاهل بالحكم
الشرعي الواقعي بعد اليأس عن الظفر بدليل عليه ، من دون أن تقع في طريق الاستنباط
ليستنتج منها حكم كلي فرعي ، فلا بد من تعميم القواعد الأصولية لما ينتهي إليه
المجتهد بعد الفحص عن الدليل على الحكم وعدم الظفر به ، حتى تندرج الأصول العملية
في المسائل الأصولية.
وأما
الثاني : فلأنه لا ينتهي
الفقيه بعد الفحص عن الدليل على الحكم إلى القواعد الفقهية ؛ لعدم ترتبها على
مشكوك الحكم ؛ كما هو شأن الأصول العملية ؛ بل هي أحكام كلية يرجع إليها المجتهد
ابتداء.
(٢) بيان لقوله : «التي
ينتهي إليها» ، والمراد بالموصول : الوظائف المدلول عليها بسوق الكلام ، يعني : من
الوظائف التي دل عليها حكم العقل ، كالبراءة العقلية المستندة إلى قاعدة قبح
العقاب بلا بيان ، أو دل عليها عموم النقل كالبراءة الشرعية المستندة إلى مثل حديث
الرفع.
فقوله : «حكم
العقل أو عموم النقل» إشارة إلى انقسام الأصول إلى العقلية والشرعية.