وكان قد قدم هذا ذلك اليوم من مصر فتواطأ عبد الملك معه على قتل الأشدق ، وكان الوليد بن عبد الملك قد تزوّج أخت الأشدق ، وأمرهما بقتل الأشدق (١)! ودعاه إلى قصره ولعلّه بحجّة زيارة أخيه عبد العزيز القادم من مصر.
فتدرّع الأشدق تحت قبائه وقام ليخرج فعثر بالبساط فتطيّرت امرأته نائلة ابنة الفريض وقالت له : انشدك الله أن لا تأتيه! فأبى وقال لها : دعيني فو الله لو كنت نائما ما أيقظني! وخرج وكان عمرو رجلا عظيم الكبر لا يرى لأحد فضلا عليه ، وإذا مشى إلى أحد فلا يلتفت وراءه. فلمّا فتح الحاجب الباب ودخل عمرو ، أغلق الباب دون أصحابه ومضى عمرو لا يلتفت وهو يظنّ أنّ أصحابه قد دخلوا كما كانوا يدخلون. فلمّا دخل على عبد الملك قام من هناك من بني أميّة ، فعاتبه عبد الملك طويلا. ثمّ قال له : إنّي كنت حلفت لئن ملكتك لأشدنك في جامعة! فاتي بجامعة فوضعها في عنقه وأخذ يشدّها عليه ويشدّه إليه! فأيقن عمرو بالهلاك ، فقال له : أنشدك الله يا أمير المؤمنين! فقال له عبد الملك : يا أبا اميّة! ما لك جئت في الدرع أللقتال؟! والتفت عمرو إلى أصحابه فلم يرهم في الدار! فكلّمه عبد الملك وأغلظ له بالقول.
فقال الأشدق : يا عبد الملك! أتستطيل عليّ كأنّك ترى لك فضلا عليّ؟! والله إن شئت نقضت العهد بيني وبينك ثمّ نصبت لك الحرب! فقال عبد الملك : قد شئت ذلك! فقال الأشدق : وأنا قد فعلت! وكان صاحب حرسه يدعى أبا الزعيزعة وكان قد وصّاه أن يضرب عنق الأشدق ، فهنا قال له : يا أبا الزعيزعة شأنك! فضربه أبو الزعيزعة فقتله (٢).
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ١٠٤.
(٢) مروج الذهب ٣ : ١٠٢ ـ ١٠٣.