ثمّ دعا المسيّب بن نجبة وندب له أربعمئة فارس معه وقال له : سر حتّى تلقى أوّل عسكر من عساكرهم فشنّ الغارة عليهم ، فإذا رأيت ما تحبّه ، وإلّا انصرفت في أصحابك إلينا ، وإيّاك أن تنزل أو تدع أحدا من أصحابك ينزل أو يستقتل ، أخّر ذلك إلّا أن لا تجد بدّا منه (١).
غارة المسيّب الفزاري :
عسكروا في غربي عين الوردة خمسة أيام ، ثمّ بعث الخزاعيّ الفزاريّ في أربعمئة فارس ليغير على أوّل عساكر الشام ثمّ يعود إلى عين الوردة ، ويبدو أن ذلك كان في العشرين من جمادى الأولى أي بعد ٤٥ يوما من خروجهم من الكوفة. فساروا يومهم وليلتهم وفي السحر هوّموا تهويمة ثمّ صلّوا الصبح ، ثمّ بعث عبد الله بن عوف في مئة وعشرين وقال له : انظروا أوّل من تلقون فأتوني به (أو بخبره) ثمّ بعث ابن عمّه أبا الجويرية العبدي كذلك ، ثمّ حنش بن ربيعة الكناني كذلك ، وبقي الفزاريّ في مئة منهم.
فالتقى عبد الله بن عوف بأعرابي من بني تغلب (النصارى؟) وبينما هم يسائلونه إذ لحقهم الفزاري ، فأتوه به ، وتفأّلوا بكونه من تغلب بأنّهم سيغلبون ، فقال الفزاري : وإنّ هذا الفأل لهو الفأل الحسن وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يعجبه الفأل. ويبدو أنّ الأعرابيّ كان على خبر عن جيش الشام فسأله الفزاري : كم بيننا وبين أدناهم منّا؟ قال : أدنى عسكر من عساكرهم منك عسكر ابن ذي الكلاع على رأس ميل! فتركوه.
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٥٩٦ عن أبي مخنف.