فالحمد لله الذي شفى صدري من قتل أهل الخلاف القديم والنفاق العظيم! فطالما عتوا وقديما ما طغوا.
وكتبت إلى أمير المؤمنين! وأنا في منزل سعيد بن العاص مدنفا مريضا ما أراني إلّا لما بي ، وما ابالي متى متّ بعد يومي هذا! وكتب لهلال المحرم سنة ثلاث وستين».
جاءه الكتاب وعبد الله بن جعفر لا زال عنده بدمشق ، فأرسل إليه وعنده ولده معاوية بن يزيد فأقرأهما الكتاب ، فاسترجع ابن جعفر وأكثر ، فقال له يزيد : ألم اجبك إلى ما طلبت وأسعفتك فيما سألت ، فبذلت لهم العطاء وأجزلت لهم الإحسان ، وأعطيت العهود والمواثيق على ذلك؟!
فقال عبد الله بن جعفر : فمن هنا استرجعت وتأسّفت عليهم إذ اختاروا البلاء على العافية والفاقة على النعمة ، ورضوا بالحرمان دون العطاء!
وبكى ابنه معاوية فقال له : وما بكاؤك يا بنيّ؟! قال : أبكي على من قتل من قريش! وإنّما قتلنا بهم أنفسنا! فقال يزيد : هو ذاك قتلت بهم نفسي وشفيتها (١)!
أخذه البيعة ليزيد :
روى خليفة قال : ثمّ دعا الناس الباقين إلى البيعة على أنّهم خول ليزيد بن معاوية! يحكم في أموالهم وأهليهم ودمائهم ما شاء! حتّى أتي بعبد الله بن زمعة (القرشي الأسدي من قوم ابن الزبير) وكان من قبل من أصفياء أصدقاء يزيد ، فقال له المرّي : بايع على أنّك خول لأمير المؤمنين! يحكم في مالك وأهلك ودمك! قال : ابايعك على أنّي ابن عمّ أمير المؤمنين! يحكم في دمي وأهلي
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ٢١٧ ، ٢١٨.