انتهينا إلى الحسين تقدّم عبد الله بن حوزة التميمي ينادي أصحاب الحسين : أفيكم حسين؟! فلا يجيبونه حتّى قالها الثالثة ، فقال الحسين لهم : قولوا له : نعم ، هذا حسين ، فما حاجتك؟ فلما قالوا له ذلك قال : يا حسين! أبشر بالنار! فقال الحسين عليهالسلام : كذبت ، بل أقدم على ربّ غفور وشفيع مطاع ، فمن أنت؟ قال : أنا ابن حوزة. فرفع الحسين يديه وقال : اللهمّ حزه إلى النار! فغضب الرجل وأقحم فرسه إليه ، فعلقت قدمه بالركاب وجالت به الفرس فسقط عنها فانقطعت قدمه وساقه وفخذه ، وبقي جانبه الآخر معلّقا بالركاب! ووقع رأسه في الأرض ونفر الفرس ، فأخذ يمرّ به فيضرب رأسه بكلّ حجر وشجر حتّى مات!
فلما رأى مسروق ذلك تراجع عن أوائل الخيل إلى ما ورائه ، فلما سأله أخوه عبد الجبار عن ذلك قال : لقد رأيت من أهل هذا البيت شيئا لا اقاتلهم أبدا (١)!
مباهلة برير ومقتله :
كان برير بن حضير الهمداني علويّ الرأي والهوى ، وكان في أيّام معاوية في بني دودان في الكوفة يماشي يزيد بن معقل العبدي ويقول له : إنّ عثمان بن عفان كان مسرفا على نفسه ، وإنّ إمام الحق والهدى عليّ بن أبي طالب ، وإنّ معاوية بن أبي سفيان ضالّ مضلّ.
وخرج يزيد بن معقل العبديّ من عسكر ابن سعد اليوم إلى أصحاب الحسين عليهالسلام ونادى بريرا وقال له : كيف ترى صنع الله بك؟ قال برير : والله إنّ الله قد صنع بي خيرا وصنع الله بك شرّا!
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٤٣٠ ـ ٤٣١ عن أبي مخنف ، ومختصره في الإرشاد ٢ : ١٠٢.