وقال ابن قتيبة : وكان يمشي فجاءه حجر من المنجنيق فأصاب قفاه فسقط! وما درى أهل الشام أنّه هو حتّى بكته جاريته تقول : وا أمير المؤمنيناه! فاحتزّوا رأسه ورأس عبد الله بن صفوان بن اميّة وعمارة بن عمرو بن حزم وجاؤوا بها إلى الحجّاج ، فبعث الحجّاج برؤوسهم إلى عبد الملك (١).
وقال المسعودي : بل أكبّ عليه موليان له فقتلوا جميعا ، وتفرّق من بقي معه من أصحابه ، وأمر الحجّاج فصلب (٢) بالتنعيم ثلاثا أو سبعا.
الحجّاج وابن عمرو ابن الحنفية :
وكان عبد الله بن عمر معتمرا بمكّة (وبايع الحجّاج) ومرّ بعبد الله مصلوبا فوقف وقال له : أبا خبيب! يرحمك الله! لو لا ثلاث كنّ فيك لقلت إنّك أنت! : إلحادك في الحرم! ومسارعتك إلى الفتنة ، وبخل بكفّك! وما زلت أتخوّف عليك هذا المركب وما صرت إليه منذ كنت أراك ترمق بغلات شهبا لابن حرب فيعجبنك! إلّا أنّه كان أسوس منك لدنياه!
ثمّ جاءت أمّه أسماء وهي عمياء تقاد حتّى وقفت لدى الحجّاج وقالت له : أما آن لهذا الراكب أن ينزل بعد؟! فأمر به فانزل (٣) ودفن.
وكان عبد الله بن عمر قد جاوز الثمانين من عمره ومع ذلك كأنّه كان قد حمل السلاح مع ابن الزبير (٤) وكأنّه أحسّ بشرّ الحجّاج عليه فخاطب ابن الزبير
__________________
(١) الإمامة والسياسة ٢ : ٣١.
(٢) مروج الذهب ٣ : ١١٥.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٦٧ ـ ٢٦٨.
(٤) المعارف لابن قتيبة : ١٨٥ و ١٨٦.