وجاء مصعب للبصرة :
ولعلّه تزامن أو قرب من ذلك إرسال ابن الزبير لأخيه مصعب على البصرة بدل الحارث بن عبد الله القباع ، لحرب المختار ثمّ لحرب الشام. وكان معه جماعة دخل بهم البصرة متلثما حتّى أناخ بباب مسجدها ، ورآه الناس فقالوا : أمير أمير ، وتسامع به الحارث الأمير السابق فجاء إلى المسجد وإذا بمصعب قد صعد المنبر ، فلمّا دخل الحارث أسفر مصعب عن وجهه فعرفوه ، وقال للحارث : اصعد ، فصعد حتّى جلس تحته بدرجة ، ثمّ قام مصعب فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قرأ الآيات الأوائل من سورة القصص وهو يشير بيده إلى الحجاز والشام ، ثمّ سمّى نفسه الجزّار! ونزل (١).
وخرج أهل الكوفة الذين قاتلوا المختار فهزمهم ، فلحقوا بمصعب بن الزبير بالبصرة وكان فيهم شبث بن ربعي اليربوعي التميمي (٢).
وفرّ شمر وهلك :
كأنّ ذلك كان من مقدّمات الإعداد لحرب المختار أن يلتحق قادة قبائل الكوفة بالبصرة ، ولم يكن ذلك ليخفى على المختار ، فاختار أن يرسل رئيس حرسه أبا عمرة كيسان مولى بني عرينة إلى جوار قرية يقال لها : الكلتانيّة على شاطئ نهر إلى جانب تلّ ، لتكون مسلحة فيما بينه وبين البصرة (٣).
وكان ممّن فرّ شمر بن ذي الجوشن الكلابي بجمع من كلابه معه إلى مصعب بالبصرة ، وكان للمختار غلام (فارسي) يدعى (زرپي ـ العمود الذهبي)
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ : ٩٣ عن النميري البصري عن المدائني البصري عن الشعبي.
(٢) المصدر السابق ٦ : ٩٢.
(٣) المصدر السابق ٦ : ٥٢ ـ ٥٣ عن أبي مخنف.