الوليد ومسجد دمشق :
قال اليعقوبي : وابتدأ في سنة (٨٨ ه) ببناء مسجد دمشق فأنفق عليه أموالا عظاما (١) وكان في محلّه كنيسة فهدمها (٢) وهي كنيسة ماري حنّا ، وكانت قد سلمت للرومان بدمشق لوقوعها في النصف من دمشق الذي أخذ صلحا ، فأدخلها في جملة الجامع ، وجاءه الصناع لعمارته من بلاد الروم وبلاد الإسلام (٣) واستبدلوا محلّ الناقوس بالمئذنة ، فهي من أوائل المآذن المبنية في الإسلام.
وأنفق عليه أربعمئة صندوق من الذهب في كلّ صندوق أربعة عشر ألف أو أربعة وعشرون ألف أو ثمانية وعشرون ألف دينار! فلامه الناس عليه فقال : إنّما هذا من مالي (٤)!
__________________
خرج الوليد حاجّا فدخل مسجد النبي فرأى فيه بيتا ضاعنا شارعا بابه إليه! فسأل عنه فقيل له : هذا بيت عليّ؟! يا غلام : اهدمه.
فقيل له : يا أمير المؤمنين لا تفعل حتّى نقدم الشام فتخرج أمرك بتوسيع مساجد الأمصار فتبني بدمشق مسجدا وتبني مسجد بيت المقدس ومكة والمدينة ، فيدخل بيت عليّ فيما يوسّع من مسجد المدينة. فقبل ذلك.
وذكر ابن كثير في البداية والنهاية ٩ : ٧٤ ـ ٧٦ : أنّه لما علم بذلك أهل المدينة وكان فيهم عشرة فقهاء فأجمعوا على عدم الرضا بذلك! فكتب به ابن عبد العزيز إلى الوليد فأرسل إليه الوليد يأمره بذلك. فلما شرعوا في الهدم صاح وجوه الناس من بني هاشم وغيرهم وبكوا كيوم مات فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله.
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٨٤.
(٢) مختصر تاريخ الدول لابن العبري : ١١٣.
(٣) تاريخ ابن الوردي ١ : ١٧١.
(٤) انظر الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ١ : ١٥٧.