فبكت ، ثمّ قالت : لعمري لقد قتلت كهلي! وأبرت أهلي! وقطعت فرعي (أولادي) واجتثثت أصلي! فإن يشفك هذا فقد اشتفيت!
فقال ابن زياد : هذه سجّاعة (١)! ولعمري قد كان أبوها شاعرا سجّاعا!
فأجابته : ما للمرأة والسجاعة! إنّ لي عن السجاعة لشغلا ، ولكنّي نفثى بما أقول.
ثمّ نظر ابن زياد إلى عليّ بن الحسين فقال له : ما اسمك؟ قال : أنا عليّ بن الحسين!
فقال : أو لم يقتل الله! عليّ بن الحسين! فسكت. فقال : ما لك لا تتكلّم؟! قال : قد كان لي أخ يقال له أيضا : عليّ ، فقتله الناس (٢)! قال : إنّ الله قتله! فسكت الإمام السجاد عليهالسلام ، فقال له : ما لك لا تتكلّم؟! فتلا عليه آيتين من القرآن : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها)(٣) ، (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ)(٤).
فقال له ابن زياد : أنت والله منهم (٥)! وبك جرأة لردّ جوابي! وفيك بقيّة للردّ عليّ (٦)! ثمّ التفت إلى المرّي بن معاذ الأحمري من جلاوزته وقال له : ويحك اقتله! فتعلّقت به عمّته زينب وقالت له :
__________________
(١) هذا في الإرشاد ٢ : ١١٦ ، وفي الطبري ٥ : ٤٥٧ : شجاعة! وهي لا تناسب ذيل الخبر : كان أبوها شاعرا سجّاعا!
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٤٥٧ عن أبي مخنف. وروى في ذيل المذيل : ٦٣٠ : عنه عليهالسلام قال : قلت : كان لي أخ أكبر منّي.
(٣) الزمر : ٤٢ واكتفى بذكرها الإرشاد.
(٤) آل عمران : ١٤٥ ، وليست في الإرشاد.
(٥) الطبري ٥ : ٤٥٨.
(٦) الإرشاد ٢ : ١١٦.