فقال ابن ذي الجوشن : ذلك لك يابن فاطمة! وتوجّه بالرجّالة نحوه ، وأخذ الحسين عليهالسلام يشدّ عليهم فينكشفون عنه (١).
وروى أبو مخنف عن عبد الله بن عمّار البارقي الهمداني قال : شدّت الرجّالة عليه عن يمينه وشماله ، فحمل على من عن يمينه حتّى ذعروا وعلى من عن شماله حتّى ذعروا ، فو الله ما رأيت مكسورا قطّ ـ وقد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه ـ أربط جأشا ولا أمضى جنانا ولا أجرأ مقدما منه! والله ما رأيت مثله قبله ولا بعده! إن كانت الرجّالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب!
ودنا منه عمر بن سعد فخرجت إليه اخت الحسين زينب ابنة فاطمة فنادته ـ وكانت تعرفه منذ كانت في الكوفة ـ قالت : يا عمر بن سعد! أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه! فصرف بوجهه عنها وهو يبكي (٢) فانصرف إلى فسطاطه!
هذا وهو عليهالسلام يشدّ على الخيل ويناديهم : أعلى قتلي تحاثّون؟! أما والله لا تقتلون بعدي عبدا من عباد الله أسخط عليكم لقتله منّي! وايم الله إنّي لأرجو أن يكرمني الله بهوانكم ثمّ ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون! أما والله لو قد قتلتموني لقد ألقى الله بأسكم بينكم وسفك دماءكم ، ثمّ لا يرضى لكم حتّى يضاعف لكم العذاب الأليم (٣).
ثمّ إنّ شمر بن ذي الجوشن الضّبابي الكلابي أقبل في الرجّالة نحو الحسين عليهالسلام وفيهم سنان بن أنس النخعي الهمداني ، وخوليّ بن يزيد الأصبحي
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٤٥٠ عن أبي مخنف ، وخلا منه الإرشاد!
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ٤٥١ عن أبي مخنف عن البارقي ، وفي الإرشاد ٢ : ١١١ عن حميد بن مسلم الأزدي. فليس هذا بعد مقتله عليهالسلام.
(٣) تاريخ الطبري ٥ : ٤٥٢ عن أبي مخنف ، وخلا منه الإرشاد!