واما ما أفاده العلامة المذكور قدسسره في بعض كلماته من ان توجه الضرر نحو الغير في موارد الإكراه انما هو بسبب ارادة المكره (بالكسر) فهو ممنوع جدا ، لان مجرد ارادة المكره (بالكسر) لا يوجب توجيه الضرر نحو الغير ما لم يكن المكره (بالفتح) كالالة ، نعم لو كان المكره (بالفتح) مقهورا للمكره بحيث يعد مضطرا على العمل على وفق ارادته أمكن القول بذلك ، لان الضرر بحسب أسبابه الخارجية ، ومنها ارادة المكره (بالكسر) توجه نحو الغير ولم يتوسط هناك ارادة المكره (بالفتح) واختياره ، ولكن الأمر في موارد الإلجاء والاضطرار سهل لأنه لا يبقى هناك مجال للبحث عن جواز الإضرار وعدمه لارتفاع التكليف فيها رأسا.
اما إذا لم يكن المكلف ملجئا بل كان مكرها مع بقاء ارادته واختياره المقابل للاضطرار والإلجاء فتوجه الضرر نحو الغير لا يكون الا بتوسيط ارادته ؛ فإرادته واختياره متوسط في البين وبدونه لا يكون الضرر متوجها نحو الغير. وما يظهر من كلماته قدسسره من ان الفعل لا يسند الى المكره (بالفتح) وان كان مباشرا ؛ لضعفه وقوة السبب وهو المكره (بالكسر) ، أيضا ضعيف فإن إسناد الفعل في المقام انما هو الى المباشر قطعا بحسب أنظار أهل العرف لمقام ارادته واختياره ، وانما لا ينسب إليه إذا كان مضطرا وملجئا وكان كالالة لفعل المكره (بالكسر) أو ما يجرى مجراه.
ومن أشنع ما يلزم هذا القول ان مقتضاه جواز الإضرار بالغير في موارد الإكراه بما دون النفس مطلقا ؛ ولو كان بالمضار المؤلمة المشجية في الأموال والأنفس ، وان بلغت ما بلغت ، لدفع ضرر يسير عن نفس المكره (بالفتح) وماله وعرضه ، فان الحكم في باب تحمل الضرر عن الغير ذلك ، لعدم وجوب تحمل ضرر يسير على نفسه دفعا لضرر كثير عن غيره (الا في موارد مستثناة كالنفوس وشبهها) وقد عرفت ان باب الإكراه عند العلامة الأنصاري قدسسره ومن تبعه من مصاديق مسألة تحمل الضرر المتوجه الى الغير فتدبر تعرف.
فتلخص من جميع ما ذكرنا ان مسألة الإكراه على الضرر كما في التولي من قبل الجائر وأشباهه لا تكون من باب تحمل الضرر عن الغير بتضرر النفس ، وانما تكون