عن قدرة العوام كالأمثلة المذكورة ، فعليهم الرجوع فيها الى نظر المجتهد ورأيه ؛ والمجتهد يرجع في تشخيصها الى ارتكاز اتهم المغفولة الموجودة في أعماق أذهانهم وأذهان جميع أهل العرف ـ ومنهم مقلديه ـ فيستخرجها وبها يكشف صدق هذه العناوين على المصاديق المشكوكة وعدمه ، فيفتى بمقتضاه. نعم في المفاهيم الواضحة التي لا فرق فيها بين المجتهد والعامي ـ كمفهوم الماء والدم وأمثالهما ـ كل يرجع الى تشخيصه وليس تشخيص واحد منهما حجة في حق غيره.
ومنه يظهر وجه عدم جواز تفويض أمر الاستصحاب وغيره من الأصول العملية في الشبهات الموضوعية الى المقلدين مع انها ليست من المسائل الأصولية قطعا ، والوجه فيه ان تشخيص مجاريها ومعارضاتها والحاكم والمحكوم منها مما لا يقدر عليه العامي فهو جاهل بها ويجب عليه الرجوع الى العالم بها وقد عرفت ان رجوع الجاهل الى العالم لا يختص بالأحكام الكلية ؛ بل يعمها والموضوعات المشكلة وما شاكلها لاتحاد ملاك الرجوع في الجميع.
أقسام القواعد الفقهية
تنقسم القواعد الفقهية إلى أقسام :
الأول ـ ما لا يختص بباب من الفقه دون باب بل يجرى بحسب مدلوله في جل الأبواب أو كلها الا ان يمنع منه مانع ، مثل قاعدة لا ضرر وقاعدة لا حرج وقاعدتي القرعة والصحة على قول ، ولنسمها «القواعد العامة».
الثاني ـ ما يختص بأبواب المعاملات بالمعنى الأخص ولا يجري في غيرها ، كقاعدة التلف في زمن الخيار ؛ وقاعدة ما يضمن وما لا يضمن ، وقاعدة عدم ضمان الأمين وما شابهها.
الثالث ـ ما يختص بأبواب العبادات ، كقاعدة لا تعاد ، وقاعدة التجاوز والفراغ على المعروف ، وما يضاهيهما.
الرابع ـ ما يجري في أبواب المعاملات بالمعنى الأعم كقاعدة الطهارة وغيرها.