في غيره ؛ واما الغصب والاستيلاء العدواني على شيء فهو في الحقيقة انحراف عن هذه الطبيعة ، وخروج عن مقتضى وضعها الاولى.
وسيأتي ان شاء الله ان الغصب والسلطة العدوانية مهما كثرت وشاعت لا يقدح في كاشفية اليد عن الملك حتى إذا كانت الأيدي العادية أكثر من الأيدي الامينة ، وان الكاشفية في الأمارات ـ برغم ما ذكره غير واحد من المحققين ـ لا تدور مدار الغلبة دائما فتدبر.
رابعها ـ ان اليد لو لم تكن دليلا على الملك لزم العسر الأكيد ، والحرج الشديد ، واختل النظام في أمور الدنيا والدين ، وبلغ الأمر الى ما لا يكاد يتحمله احد ، ولم يستقر حجر على حجر ، ولا يحتاج لزوم هذه الأمور إلى مضى برهة طويلة من الدهر أو زمن كثير ؛ بل يلزم ذلك من إلغاء حجية اليد ولو ساعة واحدة!.
والى هذا أشار الإمام عليهالسلام في رواية حفص بن غياث الواردة في جواز الشهادة بالملكية بمجرد اليد : «ولو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق» (١)
ومن المعلوم انه إذا لم يقم لهم سوق لم يقم لهم بلد ولا دار ، ولا شيء من أمور دينهم ودنياهم ، من معاشهم ومعادهم.
هذا ولكن في الاستدلال بالعسر والحرج واختلال النظام الاشكال المعروف ، وهو ان لازمه الاكتفاء بما يندفع معه العسر ويرتفع اختلال النظام ، لا حجيتها مطلقا ، فلا يكفى مجرد ذلك في إثبات دلالة اليد على الملكية في جميع مواردها.
ولا بد (ح) من حمل استشهاد الامام عليهالسلام بهذه القضية على بيان «حكمة» الحكم لا «العلة» له ، فاختلال النظام حكمة للحكم بحجية اليد على الإطلاق لا علة لها ، و
__________________
(١) رواه في الوسائل في باب وجوب الحكم بملكية صاحب اليد ، من أبواب كيفية الحكم ، من كتاب القضاء.