الإنسان في ملكه أو ملك مباح فيلزم منه ضرر على غيره ـ كان مرتكزا في ذهن الراوي فلذا لم يسئل عن أصل الحكم وانما سئل عن صغراه بقوله : كم يكون بينهما في البعد حتى لا يضر إحديهما بالأخرى ، ومنشأ هذا الارتكاز اما التعارف الخارجي وما هو الدائر بين العقلاء في أمثال هذه الموارد ، واما عمومات لا ضرر ، واما ما روى عن الأئمة السابقين عليهمالسلام من لزوم التباعد بين العينين بألف أو خمسمأة ذراع على اختلاف الأراضي ، مثل ما روى عن الصادق (ع) في الرواية السابقة. وكيف كان فطريق الاستدلال بهذه الرواية هو عين ما هو بيانه في الرواية السابقة ، الا ان مورد السؤال هناك هو خصوص التصرف في العيون المستحدثة من قبل ، والسؤال هنا عن احداث عين جديدة في أرض قريبة من عين اخرى.
١٢ ـ ما رواه بذلك الاسناد قال : كتبت الى ابى محمد (ع) رجل كانت له رحى على نهر قرية ، والقرية لرجل ، فأراد صاحب القرية ان يسوق الى قريته الماء في غير هذا النهر ويعطل هذا الرحى ، إله ذلك أم لا؟ فوقع عليهالسلام : يتقى الله ويعمل في ذلك بالمعروف ولا يضر أخاه المؤمن (رواه في الوسائل في الباب ٢٥ من أبواب إحياء الموات).
والظاهر ان صاحب الرحى كان له حق الانتفاع من ذاك النهر من قبل ، والا كان تصرفه فيه عدوانيا وجاز لصاحب القرية نهيه عن التصرف فيه بمثل هذا وتعطيل رحاه حتى إذا لم يرد سوق الماء في غير ذلك النهر ، فإن الناس مسلطون على أموالهم وعلى هذا سوق الماء في غير هذا النهر مزاحم لحقه ويكون تعديا عليه فالمنع منه استنادا الى هذه الجهة لا دخل له بما نحن بصدده ، ولكن الذي يستقرب دلالة الرواية على المطلوب ان الامام (ع) لم يسند الحكم اليه ، بل أسنده إلى عنوان آخر وهو عنوان الإضرار فقال : لا يضر أخاه المؤمن ، ويستفاد منه حكم عام بعدم جواز إضرار المؤمن باخاه في كل الموارد وهو وان كان حكما تكليفيا في بادي النظر الا انه يستفاد منه الحكم الوضعي أيضا عند التأمل فتأمل.
١٣ ـ ما رواه الكليني رضوان الله عليه عن عقبة بن خالد عن ابى عبد الله عليهالسلام في