أشكلت عليّ ، فورد التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان عليهالسلام ، وفيه : «وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنّهم حجّتي عليكم ، وأنا حجّة الله عليهم.» ورواه الشيخ أيضا في الغيبة بسنده عن الكليني. ورواه الطبرسي في آخر الاحتجاج أيضا عنه. (١)
وقد مرّ البحث في سند الحديث ومتنه في الفصل الثالث من الباب الخامس في إثبات ولاية الفقيه ، وقلنا هناك أنّ إسحاق بن يعقوب مجهول ، وأنّ الرواية وإن دلّت على جلالته ولكن الراوي لها نفسه. ونقل الكليني عنه وإن أشعر باعتماده عليه ولكن الرواية لم تذكر في الكافي ولا ندري ما هو الوجه في ذلك؟!
وكيف كان فالظاهر أنّ المراد بالرواة في الحديث هم الفقهاء المستند علمهم وفقههم إلى روايات أهل البيت ، في قبال أهل القياس والاجتهادات الظنّيّة.
واحتمال العهد وعدم العموم في الحوادث لا يضرّ بالاستدلال بعد عموم التعليل ، أعني قوله عليهالسلام : «فإنّهم حجّتي عليكم.» فهم بجعله عليهالسلام صاروا حجّة علينا ، كما هو حجّة الله المطلق. واطلاقه يقتضي جواز الرجوع إلى فقهاء الشيعة والأخذ بقولهم ، سواء حصل العلم أو الوثوق من قولهم أم لا ، فيكون حجة مطلقا.
٨ ـ ومنها ما في التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : «فأمّا من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدينه مخالفا على هواه مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلّدوه ، وذلك لا يكون إلّا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم.» (٢)
ورواه الطبرسي أيضا في أواخر الاحتجاج عنه عليهالسلام (٣).
والراوي لهذا التفسير هو الصدوق ـ عليه الرحمة ـ عن أبي الحسن محمد بن القاسم المفسّر الأسترآبادي الخطيب ، قال : حدثني أبو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد وأبو الحسن على بن محمد بن سيّار والثلاثة كلّهم مجاهيل وإن تكلّف في تنقيح المقال لتوثيقهم (٤).
__________________
(١) كمال الدين ، ص ٤٨٣ ، باب ذكر التوقيعات ... ، الحديث ٤ والوسائل ، ج ١٨ ، ص ١٠١ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٩.
(٢) الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٩٥ ، الباب ١٠ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٠.
(٣) الإحتجاج للطبرسي ، ص ٢٥٥ (ـ طبعة اخرى ، ج ٢ ، ص ٢٦٣).
(٤) تنقيح المقال ، ج ٣ ، ص ١٧٥ و٣٣٦ ، وج ٢ ، ص ٣٠٥).