أقول : هذا مخالف لما ذكره سيدنا الأستاذ العلّامة ـ مد ظلّه ـ سابقا من أن تعدد وجود حركة اليد والمفتاح يستلزم تعدد الإيجاد أيضا ، إذا الوجود عين الإيجاد ، غاية الأمر أنه إن نسب إلى الفاعل سمي إيجادا ، وإن نسب الى القابل سمي وجودا. ثم إنه لو سلم إمكان وجود فعلين بإصدار واحد فيمكن أن يقال : إنه لا بأس بأن يكون كل من السبب والمسبب متعلقا لوجوب يخصّه ، غاية الأمر أن المكلف لا يقدر على تفكيكهما ، بل إما أن يختار امتثالهما أو يختار مخالفتهما ؛ ولا يشترط في اختيارية العمل أن تتعلق به إرادة مستقلة ، بل الملاك في اختياريته أن يكون المكلف قادرا على كل من الفعل والترك وهاهنا كذلك. فتأمل. (١)
«الإشكال في عبادية الطهارات الثلاث قبل دخول اوقات غاياتها ، بتقريب أنا إذا قلنا بعدم الاحتياج في عباديتها إلى الأمر الغيري وأنه يكفي في ذلك إتيانها بداعي الأمر النفسي ؛ من جهة أن الأمر كما يدعوا إلى اتيان المتعلق فكذلك يدعو إلى اتيان مقدماته ، فحيث إن المفروض فيما نحن فيه عدم تحقق الأمر النفسي بعد فكيف يصير الأمر المعدوم داعيا؟ وليس للأمر المعدوم امتثال حتى يقال : إن المقدمة واقعة في طريقه.»
أقول : ليس الأمر بوجوده الخارجي داعيا بل بوجوده العلمي فيمكن داعوية العلم بالأمر المستقبل قبل تحققه من غير فرق في ذلك بين الأمر النفسي والغيري. (٢)
وجوب المقدمة وعدمه
«يستدل لوجوب المقدمة بأن وزان الإرادة التشريعية وزان الإرادة التكوينية ، فكما أن الإرادة التكوينية إذا تعلقت بفعل تتولد منها إرادات اخر متعلقة بمقدماته ... فكذلك الإرادة التشريعية المتعلقة بصدور الفعل عن الغير تتولد منها إرادات اخر تشريعية ... وردّ هذا الدليل بأن إرادة المولى صدور الفعل من العبد ليس صدوره بلا توسط ارادته ـ وإلّا كانت تكوينية ـ بل صدوره بإرادته ومن هذه الإرادة تنقدح إرادة بعث العبد نحو الفعل و
__________________
(١) نهاية الاصول ، ص ١٨٢.
(٢) نفس المصدر ، ص ١٨٩.