الوجود المطلق ـ كما هو الظاهر من كلماتهم ـ بأن يجب على كلّ واحد منهم السّعي في منع تحقق الطبيعة بقيام نفسه وببعث الآخرين أيضا نحوه حتى يحصل المنع المطلق ، أو بنحو الوجوب المشروط بأن يجب على كلّ فرد منهم بشرط مساعدة غيره وقيامه.
وكيف كان فلو فرض العلم بعدم قيام غيره وعدم مساعدته في هذا الترك لم يجب عليه أيضا لكونه لغوا ، فوزانه وزان إيجاب حمل جسم ثقيل لا يقدر على حمله إلّا جماعة ، فلا يجب إقدام واحد منهم إلّا مع إقدام غيره ومساعدته.
ولو شكّ في مساعدة غيره فإن كان الوجوب بنحو الإطلاق وجب عليه الإقدام أيضا ، إذ مع الشكّ في القدرة لا يجوز التواني في الامتثال بل يجب الإقدام حتى يثبت العجز ، إذ الظاهر أنّ القدرة من شرائط تنجّز التكليف لا من شرائط أصله. وإن كان الوجوب بنحو الوجوب المشروط رجع الشكّ إلى أصل التكليف ، إذ الشكّ في الشرط شكّ في المشروط فتجري البراءة.
والمصنّف خصّ أوّلا ـ كما ترى ـ وجوب الدفع بصورة علم البائع بأنّه لو لم يبعه لم يحصل المعصية ، ولكن يأتي عنه عن قريب قوله : «فإن علم أو ظنّ أو احتمل قيام الغير بالترك وجب قيامه به.» ومقتضى ذلك ثبوت التكليف مع الشك في إقدام الغير ومساعدته أيضا. هذا.
انحلال النهي عن الطبيعة إلى نواهي متعددة
وفي حاشية المحقق الإيرواني (ره) في ذيل قول المصنّف : «إنّما يحسن مع علم البائع» قال :
«بل يحسن مع جهله ، بل ومع علمه بحصول المعصية على كلّ حال ، وذلك أنّ النهي عن الطبيعة ينحلّ إلى نواهي متعددة حسب تعدّد أفراد تلك الطبيعة على سبيل العموم الاستغراقي ، فكان كلّ فرد تحت نهي مستقل ، ولذا يعاقب بارتكاب كل فرد بعقاب مستقل وإن ترك سائر ما عداه من الأفراد.