مثّلوا بالحجج الإجمالية كإطلاق لا تشرب الخمر مثلا الشامل بطبعه للخمر المردد بين الإناءين مع أنه ليس علما إجماليا بالتكليف الفعلي الحتمي بل علما بوجود الحجة أعني الإطلاق بالنسبة إلى هذا أو ذاك. ولا يخفى أنّ مثل هذا يمكن ترخيص الشارع في بعض أطرافه أو جميعها ، ومرجعه إلى رفع اليد عن الإطلاق وعدم إرادته.
والظاهر أنّ نظر المحقق الخوانساري والمحقق القمي في التمسك بأخبار الترخيص إلى الحجج الإجمالية لا إلى صورة تعلّق العلم الوجداني ولو إجمالا بنفس التكليف الفعلي والإرادة الحتمية. هذا.
والأصوليون تعرّضوا للعلم الإجمالي تارة في مبحث القطع واخرى في الاشتغال. ولا يخفى أنّ المناسب لمبحث القطع البحث عن العلم الإجمالي المتعلق بالتكليف الفعلي الحتمي ، والمناسب لمبحث الاشتغال البحث عن الحجج الإجمالية وأنّها توجب الاشتغال أو أنّ أدلّة الأصول العملية المرخّصة تشملها.» هذه خلاصة ما ذكره الأستاذ آية الله البروجردي في المسألة. والأستاذ الإمام (ره) أيضا تعرّض لهذا التفصيل هنا وفيما طبع من تقريرات بحثه (١). ولعلّه أخذه منه ـ طاب ثراهما ـ حيث كان يحضر درسه. هذا.
نقد كلام الأستاذ البروجردي (ره) في المسألة
وهنا ملاحظات على هذا التفصيل نشير إليها إجمالا :
الأولى : قد يناقش ما ذكره في القسم الأوّل من عدم جواز الترخيص في بعض الأطراف وعدم كفاية الموافقة الاحتمالية بأن العلم الإجمالي لا يزيد عن العلم التفصيلي قطعا ، وقد جاز في مورده الاكتفاء بالامتثال الاحتمالي ، كما في موارد قاعدة التجاوز والفراغ والشكّ بعد الوقت ونحو ذلك.
__________________
(١) المكاسب المحرمة للإمام الخميني ، ج ١ ، ص ٥٦١ ؛ وتهذيب الأصول ، ج ٢ ، ص ١٢٣ ، المقصد السادس ، الأمر السادس.