وأمّا علماء الشيعة الإماميّة فيقولون : لا موضوعيّة للإجماع بما هو إجماع واتفاق عندنا. نعم ، لو إتفقت الأمة على قول بحيث لا يشذّ منها أحد فلا محالة يكون الإمام المعصوم من العترة الطاهرة داخلا فيها ، فيكون حجّة لذلك ، كما أنّه كذلك لو كانت كثرة القائل في المسألة بحيث يحدس منها تلقي المسألة عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو عن الإمام المعصوم عليهالسلام حدسا قطعيّا ، فيكون الإجماع كاشفا عن الحجّة ، أعني قول المعصوم ، وذلك إنّما يكون في المسائل الأصليّة المأثورة المتلقّاة يدا بيد عن المعصومين عليهمالسلام المذكورة في كتب القدماء من أصحابنا المعدّة لنقل هذه المسائل ، لا في المسائل التفريعيّة الاستنباطيّة التي أعمل فيها الرأي والنظر.
وبالجملة ، فالحجة في الحقيقة هو قول المعصوم المكشوف به ؛ إمّا بدخوله في المجمعين أو بالحدس عن قوله لا الإجماع بما هو إجماع.
فوزان الإجماع حينئذ وزان الخبر الواحد الصحيح الكاشف عن السنّة القويمة ، فليس في عرض السنّة بل في طولها ويكون حجّة عليها.
قال الفقيه الهمداني في مبحث صلاة الجمعة من مصباح الفقيه :
«المدار في حجّية الإجماع على ما قرّرناه في محلّه واستقرّ عليه رأي المتاخرين ليس على اتفاق الكلّ بل ولا اتّفاقهم في عصر واحد ، بل على استكشاف رأي المعصوم بطريق الحدس من فتوى علماء الشيعة الحافظين للشريعة. وهذا ممّا يختلف بإختلاف الموارد ؛ فربّ مسألة لا يحصل فيها الجزم بموافقة الإمام عليهالسلام وإن اتفقت فيها آراء جميع الأعلام ، كبعض المسائل المبتنية على مبادي عقليّة أو النقليّة القابلة للمناقشة. وربّ مسألة يحصل فيها الجزم بالموافقة ولو من الشهرة.» (١) هذا
نقد ما أستدل به لحجية الإجماع بما هو إجماع
وأمّا آية المشاقّة فأجيب عنها بوجوه : منها : أنّا لا نسلّم أنّ سبيل المؤمنين هو إجماعهم ، بل لعلّ المراد به هو سبيلهم بما هو مؤمنون ، أي سبيل الإيمان بالرسول في قبال مشاقّته صلىاللهعليهوآلهوسلم ،
__________________
(١) مصباح الفقيه ، كتاب الصلاة ، ص ٤٣٦.