للحرمة أو لعدم الحلّيّة ، فإنّ عدم الذكاة ثابت في حال حياة الحيوان أيضا ولا دليل على حرمة التقامه حينئذ لو أمكن ، نظير التقام السمك الحيّ في قعر البحر مثلا. فما هو الموضوع للحرمة أو لعدم الحلّيّة هو ما زهق روحه بغير التذكية الشرعية ، فكأنّ زهوق الروح مقتض لقذارة الحيوان والتذكية رافعة لها ، وإثبات هذا المقيد باستصحاب قيده العدمي تعويل على الأصل المثبت ولا نقول به.
بل يمكن أن يقال : إنّ كلّا من زهوق الروح بالتذكية وزهوقها بغير التذكية مسبوقان بالعدم ، فيستصحب عدمهما ، ويتعارضان فيرجع إلى أصل الحلّيّة والطهارة.
اللهم إلّا أن يمنع التقييد ويقال بتركب الموضوع من زهوق الروح وعدم التذكية ، حيث إنّ التذكية وعدمها ليسا من حالات زهوق الروح وقيودها بل من صفات الحيوان وحالاته ـ كما قيل ـ وعلى هذا فيحرز أحد جزئي المركب بالوجدان والآخر بالأصل كما في سائر الموضوعات المركبة. هذا والتفصيل يطلب من محلّه.
الفائدة السّادسة :
تساقط الاستصحابين في طرفي العلم الإجمالي
الأمر الثاني : أنّ الشيخ الأنصاري ـ قدسسره ـ حكم في أواخر الاستصحاب من الرسائل بتساقط الاستصحابين في طرفي العلم الإجمالي إذا استلزم الأخذ بهما المخالفة العملية للعلم الإجمالي ، واستدلّ لذلك بما لفظه :
«لأنّ العلم الإجمالي هنا بانتقاض أحد اليقينين يوجب خروجهما عن مدلول لا تنقض. لأنّ قوله : «لا تنقض اليقين بالشك ولكن تنقضه بيقين مثله» يدلّ على حرمة النقض بالشك ووجوب النقض باليقين. فإذا فرض اليقين بارتفاع الحالة السابقة في أحد المستصحبين فلا يجوز إبقاء كلّ منهما تحت عموم حرمة النقض بالشك لأنّه مستلزم لطرح الحكم بنقض اليقين بمثله ، ولا إبقاء أحدهما المعين لاشتراك الآخر معه في مناط الدخول من غير مرجّح. وأمّا أحدهما المخير فليس من أفراد العام ، إذ ليس فردا ثالثا غير الفردين المتشخّصين في الخارج فإذا خرجا