الأول :
انه بعد ما تبيّن أن مناط كون المعنى حرفيّا غير مستقل بالمفهومية هو كونه خصوصية إيجادية توجد بغيرها في موطن الاستعمال بأدائية ألفاظها كذلك ، فلا يخفى أن الخصوصية المذكورة ، تكون تارة تمام ما وضع لإيجادها ، وأخرى كالجزئية بحيث ينحل المعنى مع ما هو عليه من البساطة كما عرفت إلى جزءين أحدهما مستقل بالمفهومية حاصل في نفسه ولنفسه والآخر هو تلك الخصوصية الحاصلة لذلك الجزء المستقل في الموطن المذكور ، والمأخوذة قيدا في المعنى كالجزء مثلا والشرط ، وإن كانت بالشرط أشبه وغير خفيّ أن ما كان من قبيل الأول فالألفاظ الموضوعة لإيجادها في التراكيب المذكورة هي الحروف والأدوات المختصّة وليس لاستعمالها جهة إخطارية أصلا ، وإن كانت للنسبيّات جهة من النفس الأمرية ، حسبما استوفينا الكلام في ذلك بخلاف ما هو من قبيل الثاني إذ بعد تركيب المعنى تركيبا عقليّا مما ذكر من الجزءين فلا جرم يكون استعمال لفظه فيه جزئه الاستقلالي الذي هو ركن المعنى ومعروض تلك الخصوصية إخطاريا كما عرفت انه الشأن من أشباهه ، وبالنسبة إلى تحققه بالخصوصيات المذكورة إيجاديا لها فيه بأدائية نفس لفظه لذلك كما في القسم الثالث. وإلى هذا يرجع ما ذكروه من تضمّن الأفعال وجملة من الأسماء كالمبهمات الثلاثة والأسماء والأفعال والشرط والاستفهام وغير ذلك لمعاني الحروف وغلبة جهة الحرفية عليها من حيث الاعراب والبناء وعدم تمكّنها من الاسميّة