إنما هو فيما إذا كانت النسبة بين المفهوم والعام أخص مطلق وأنه يدور بين التصرّف في ظاهر العام وبين التصرّف في ظاهر الجملة الشرطيّة بالغاء المفهوم رأسا ، وأما إذا كان المفهوم عامّا فلا بدّ فيه من تقديم المنطوق كما إذا قيل : «أكرم الناس إن كانوا عدولا» وقيل : «أكرم العالم الفاسق» على تقدير المفهوم القائل بعدم وجوب إكرام غير العادل عالما أو غيره ، ومعنى تقديمه عليه هو تقيّد الناس بغير العالم الفاسق لما عرفت من عدم معقوليّة التصرّف في المفهوم بنفسه ، ولا بد من إرجاعه إلى المنطوق.
وأما احتمال إلغاء المفهوم رأسا في المقام ولا وجه له وإن كانت بينهما عموما من وجه كما إذا قيل : «أكرم العلماء» بعد قولك : «أكرم الناس إن كانوا عدولا» فيحتمل أن يقال بالغاء المفهوم رأسا على تقدير تقديم العموم في مورد التعارض وهو العالم الفاسق على المفهوم القاضي بنفي وجوب إكرام الفاسق مطلقا ، ويحتمل التقيّد في المنطوق كأن يقال : «أكرم الناس الغير العالم إن كانوا عدولا» فيستفاد من كلامين سببيّة كل من العلم والعدالة لوجوب الإكرام بل ولعلّه هو المتعيّن لعدم ما يقتضي بخلاف غير مورد التعارض من المفهوم كما عرفت فيما اذا ورد خاص في قبال مفهوم العام ومنه يظهر وجه لمن أطلق القول بعدم انفعال الجاري ، ولو لم يكن كرّا مع انّ مقتضى المفهوم في قوله : «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» اعتبار الكرّية في الماء الجاري أيضا ، إذ إلغاء المفهوم رأسا مما لا شاهد عليه فلا بدّ اما طرح العموم الدال على عدم انفعال الجاري في مورد التعارض أو تقيّد المنطوق بأن يقال :