يكون هو الداعي المعروف على الألسنة بعد كون هذا القسم من الأفعال التوليدية مثل الأول ، كما إذا تعلّق الأمر بالسبب بكون المسبب عنوانا له مثل إلقاء في النار ، فانّ الإلقاء بما أنه إحراق وإذا تعلّق الأمر يكون السبب بالمسبب من المقدّمات لكن لا مثل المقدّمات الأخر حتى تكون مقدّميته من باب حكم العقل أو غير ذلك ، بل تكون مقدّمته من حيث هو هو ، فتكون المقدّمة بالحمل الشائع الصناعي ، ومن ذلك باب الطهارة اختلفوا في رفع الخبث ورفع الحدث ، فانّ رفع الخبث من القسم الأول من جهة تعلّق الأمر تارة على السبب كما في الخبر : «اغسل ثوبك عن بول ما لا يؤكل» ، وتارة بالمسبب كما في قوله تعالى : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ).
فيستكشف عن الموردين تعلّق الأمر بأحدهما عين تعلّقه على الآخر بخلاف الحدث ، وذهب بعض بأنّ التطهير في قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) ، ليس أمرا متحصّلا من الغسل معدّا له وهو أمر معنوي بيد الله تعالى وبيد ملائكته المقرّبين ، فيكون من القسم الثاني.
وذهب بعض بأنّ التطهير أيضا من القسم الأول ، وهو التوليديّة لأنه لا فرق بين الغسل والوضوء فقد تعلّق الأمر في الوضوء بالسبب في قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا ...) إلخ ، وتعلّق الأمر بها بالسبب فلا فرق بينهما فيكون من القسم الأول من التوليديّة ، فعلى أيّ وجه كان هذا ضابط لملاكات الأوامر تكوينيّا كان أو تشريعيّا ، وسيجيء توضيح ذلك في مقدّمة الواجب.