الوالدين إذ ليس المراد بها فيه إلا مجرّد عدم المخالفة ، وكما في قوله : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) بأن مقابله تولّى بالإطاعة من أقوى الشاهد على أن المراد بالآية عدم المخالفة.
ثم انّ ما ذكرنا من انّ المراد بالإطاعة هو عدم المعصية ليس على وجه المجازية ، لما ستعرف من أنه قد يمكن أن يكون المقصود أعم من مدلول اللفظ بحسب الظاهر لا سبيل إلى تأدية ذلك المقصود الأعم إلا على وجه الغير المفيد بخصوص المراد على الواجبات التعبّدية ، فانّ المقصود بها التعبّد بها مع انه لا يمكن أن يكون المفاد بلا دليل عليه.
إذا عرفت ما ذكرنا فنقول : انه إذا لم يتبيّن شيء من أصالة التوصّلية والتعبّدية فيكون المرجع هو الاشتغال أو البراءة والإهمال ، وهذا هو الحق الذي لا محيص عنه ، وإذا شكّ في القيد لأجل عدم معقوليّة كونه مفادا بالكاشف عن الطلب ، ولا بدّ للمولى من بيان زائد على بيان نفس الطلب والأصل عدمه ، واحتمال العقاب على ترك الامتثال يدفع بقبح العقاب من دون بيان كما هو المحرر في أصالة البراءة فيكون حال بقيّة الأجزاء في جريانها عند الشكّ فيها.
هذا إذا كان مدخليّة قصد القربة شرعيّا ، وأما إذا كان عقليّا ربما يقال بأن مقتضى القاعدة في المقام هو الاشتغال عند الشك وإن قلنا بالبراءة في مسألة الأقل والأكثر ، فانّ العقل بعد ما حكم بلزوم تحصيل عرض المولى ، فلا بدّ من القول بالاشتغال عند الشكّ في حصوله ، فاذا