الثالث :
قوله تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)
وجه الدلالة : انّ الإطاعة مما قد أمر بها في هذه الآية ولا تصدق إلا بقصد الامتثال فيجب ذلك في الأوامر نظرا إلى وجوب الإطاعة ، فتكون هذه الآية حاكمة على ظواهر الأوامر الواردة في المقامات الخاصة نظير ورود قوله تعالى : (وَسارِعُوا) على الأوامر الخاصة على القول بدلالتها على الفور.
والجواب عنه :
انّ الإطاعة تارة تطلق ويراد بها ما لا يصدق بدون قصد الامتثال على ما هو مناط الاستدلال ، وتارة تطلق ويراد بها مجرّد عدم المعصية وليس يجوز أن يكون المراد بها في المقام هو الأول إذ على تقديره يلزم أن تكون إطاعة الرسول واجبة أيضا ، بمعنى قصد التقرّب مع انّ الإجماع قائم بعدم وجوب إطاعة الرسول بهذا المعنى إذ لم يقل بوجوب قصد التقرّب إليه أحد من العلماء ، ولا يكفي في ذلك انّ إطاعة الله هي بعينها إطاعة الرسول إذ الظاهر من تكرار الأمر من الآية تكرار المأمور به ولذلك يرد في الاستدلال مع انه يمكن الاستدلال بآية لم يكن فيها الإطاعة ، فتدبّر.
ّمنا ولكن تخصيص للأكثر على وجه لا يكاد يلتزم به المنصف ، فلا بدّ من أن يحمل على المعنى الثاني كما يشعر بذلك ورودها بهذا المعنى في كثير من الموارد في القرآن الكريم وغيره ، كما في الأمر باطاعة