فالتقدير في الآية : يريد الله الإذهاب ليذهب ، وكيف كان فلا ينبغي التأمّل في أن اللام هذه ليست للغاية ، مضافا إلى عدم استقامة العطف في قوله : (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) فانهما معطوفان على قوله : ليعبدوا ، وقضيّة ذلك تكرار العامل كما يؤذن به حذف النون منهما أيضا مع أنهما ليسا غايتين بل هما مأمور بهما ، وذلك ظاهر مع تأمّل التنزّل ، فلا دلالة في الآية على المطلوب لاحتمال أن يكون الأوامر المتعلّقة بهم لطفا التعبّد كما في قوله تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) فتكون العبادة والتذلل من الغايات المترتّبة على الأوامر سواء كانت التعبّدية أو التوصّلية.
أما الجواب عن الأمر الثاني فالمراد من الدين يحتمل أن يكون معناه من معنى العبادة ، كما عرفت من الآيات وأخرى يكون المراد الطاعة كما قيل في قوله تعالى : (وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِ) ولا يطيعون طاعة الحق.
وثالثه يكون منه الجزاء كما في قوله تعالى : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ).
ورابعه يكون المراد منه الإسلام كما في قوله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) ، ولو تنزّلنا وأغمضنا عن ذلك كلّه فيجب حمل الآية على الاستحباب ، إذ على تقدير إرادة وجوب نيّة القربة يلزم تخصيص مستبشع لا يمكن التزامه ، إذ الأغلب في الأوامر الواردة في شريعتنا أنها واجبات ليس فيها دلالة بأحدهما من التعبّدية والتوصّلية.