قالت نعم! قالت : فاني بعته عبدا الى العطاء بثمانمائة فاحتاج الى ثمنه فاشتريته قبل محل الأجل بستمائة ، فقالت : بئسما شريت وبئسما اشتريت ، أبلغي زيدا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد بطل ان لم يتب. قالت : فقلت أرأيت تركت المائتين وأخذت الستمائة؟ قالت : نعم! ( فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ ).
وهذا الأثر مشهور وهو دليل لمن حرم مسألة العينة ، مع ما جاء فيها من الأحاديث المذكورة المقررة في كتاب الاحكام ، ولله الحمد والمنة » (١).
قال أكمل الدين محمد بن محمود البابرتي في ( العناية ) : « وحاصل ذلك أن شراء ما باع لا يخلو من أوجه ، اما ان يكون من المشتري بلا واسطة أو بواسطة شخص آخر والثاني جائز بالاتفاق مطلقا : أعنى سواء اشترى بالثمن الاول أو بأنقص أو بأكثر أو بالعرض ، والاول اما أن يكون بأقل أو بغيره ، والثاني بأقسامه جائز بالاتفاق ، والاول هو المختلف فيه ، الشافعي (ره) جوزه قياسا على الأقسام الباقية وبما إذا باع من غير البائع فانه جائز أيضا بالاتفاق ، ونحن لم نجوزه بالأثر والمعقول.
أما الأثر : فما قال محمد : حدثنا أبو حنيفة يرفعه الى عائشة رضي الله عنها أن امرأة سألتها فقالت : اني اشتريت من زيد بن أرقم جارية بثمانية مائة درهم الى العطاء ، ثم بعتها منه بستمائة درهم قبل محل الأجل فقالت عائشة رضي الله عنها : بئسما اشتريت! أبلغي زيد بن أرقم ان الله تعالى قد أبطل حجه وجهاده مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ان لم يتب ، فأتاها زيد بن أرقم معتذرا ، فتلت عليه قوله تعالى : فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ.
ووجه الاستدلال انها جعلت جزاء مباشرة هذا العقد بطلان الحج والجهاد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وأجزية الأفعال لا تعلم بالرأي فكان مسموعا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، والعقد الصحيح لا يجازى بذلك
__________________
(١) تفسير ابن كثير ١ / ٣٢٧.