موسم ذلك العام حمل إبراهيم هاجر وإسماعيل في ذي الحجّة من أرض الشام ، فانطلق بهما إلى مكة ليذبحه في الموسم ، فبدأ بقواعد البيت الحرام ، فلما رفع قواعده خرج إلى منى حاجّا ، وقضى نسكه بمنى ، ورجع إلى مكة ، فطافا بالبيت أسبوعا ، ثم انطلقا إلى السعي ، فلما صارا في المسعى ، قال إبراهيم لإسماعيل عليهماالسلام : يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك في الموسم عامي هذا ، فماذا ترى؟ قال : يا أبت ، افعل ما تؤمر. فلما فرغا من سعيهما انطلق به إبراهيم إلى منى ، وذلك يوم النحر ، فلما انتهى به إلى الجمرة الوسطى ، وأضجعه لجنبه الأيسر ، وأخذ الشفرة ليذبحه ، نودي : (أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) إلى آخره. وفدي إسماعيل بكبش عظيم ، فذبحه ، وتصدّق بلحمه على المساكين» (١).
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «رؤيا الأنبياء وحي» (٢).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام : «أن إبراهيم عليهالسلام أتاه جبرئيل عند زوال الشمس من يوم التروية ، فقال : يا إبراهيم ، ارتو من الماء لك ولأهلك. ولم يكن بين مكة وعرفات ماء ، فسميت التروية بذلك ، فذهب به حتى انتهى به إلى منى ، فصلى الظهر ، والعصر ، والعشاءين ، والفجر ، حتى إذا بزغت الشمس خرج إلى عرفات ، فنزل بنمرة ، وهي بطن عرفة ، فلما زالت الشمس خرج واغتسل ، فصلى الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين ، وصلى في موضع المسجد الذي بعرفات ، وقد كانت ثمة أحجار بيض فأدخلت في المسجد الذي بني.
ثم مضى به إلى الموقف ، فقال : يا إبراهيم ، اعترف بذنبك ، واعرف مناسكك.
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٧١٠.
(٢) الأمالي : ج ١ ، ص ٣٤٨.