الوجود. (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) معناه : إن الأمم يوم القيامة يحضرون فيقفون على ما عملوه في الدنيا ، أي : وكل الماضين والباقين مبعوثون للحساب والجزاء. ثم قال سبحان : (وَآيَةٌ لَهُمُ) أي : ودلالة وحجة قاطعة لهم على قدرتنا على البعث (الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها) أي : الأرض القحطة المجدبة التي لا تنبت ، أحييناها بالنبات (وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا) أي : كل حب يتقوتونه مثل الحنطة والشعير والأرز ، وغيرها من الحبوب. (فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ) أي : فمن الحب يأكلون (وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ) أي : بساتين (مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ). وإنما خص النوعين لكثرة أنواعهما ، ومنافعهما (وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ) أي : وفجرنا في تلك الأرض الميتة ، وفي تلك الجنات عيونا من الماء ، ليسقوا بها الكرم والنخيل. ثم بين سبحانه أنه إنما فعل ذلك (لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ) أي : من ثمر النخيل. رد الضمير إلى أحد المذكورين ، كما قال : (وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ) والمعنى : غرضنا نفعهم بذلك ، وانتفاعهم بأكل ثمار الجنات (وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) أي : ولم تعمل تلك الثمار أيديهم ، هذا إذا كان (ما) بمعنى النفي. قال الضحاك أي : وجدوها معمولة ، ولا صنع لهم فيها ، أراد أنه من صنع الخالق ، ولم يدخل في مقدورات الخلائق. وإذا كان بمعنى الذي فالتقدير : والذي عملته أيديهم من أنواع الأشياء المتخذة من النخل والعنب الكثيرة منافعها. وقيل : تقديره ومن ثمره ما عملته أيديهم يعني الغروس والزروع التي قاسوا حراثتها. (أَفَلا يَشْكُرُونَ) أي : ألا يشكرون الله تعالى على مثل هذه النعم ، وهذا تنبيه منه سبحانه لخلقه على شكر نعمائه ، وذكر جميل بلائه (١).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٢٧١ و ١٧٢.