وقال ابن حجر العسقلاني في ( فهرست مروياته ) على ما نقل عنه الثعالبي في ( مقاليد الأسانيد ) في ذكر مسلم : « كان احد أعلام هذا الشأن وكبار المبرزين فيه والرحالين في طلبه ، والمجمع على تقدمه فيه أهل عصره ، كما شهد له بذلك اماما وقتهما وحافظا عصرهما ابو زرعة وأبو حاتم ».
وإذا حكم هكذا امام في الحديث مجمع على تقدمه وتورعه بصحة حديث الثقلين ، وخرّجه في صحيحه المقبول لدى الجميع ، فهل يبقى للشك في صحة هذا الحديث مجال؟ أم هل تبقى قيمة لانكار ابن الجوزي صحته؟ كلا ثم كلا.
قال النووي : « سلك مسلم في صحيحه طرقا بالغة في الاحتياط والإتقان والورع والمعرفة ، وذلك مصرح بكمال ورعه وتمام معرفته وغزارة علمه [ علومه ] وشدة تحقيقه بحفظه وتقدمه في هذا الشأن ، وتمكنه من أنواع معارفه وتبريزه في صناعته ، وعلو محله في التمييز بين دقائق علومه [ التي لا يهتدى إليها الا أفراد في الاعصار ] ، فرحمه الله ورضى الله عنه » (١).
وقال بترجمته : « ومن أكبر الدلائل على جلالته وورعه وحذقه وتقدمه في علوم الحديث واضطلاعه منها ، وتفننه فيها وتنبيهه على ما في ألفاظ الرواة من اختلاف ، بين متن واسناد ولو في حرف واعتنائه بالتنبيه على الروايات المصرحة لسماع المدلسين وغير ذلك مما هو معروف في كتابه ، وقد ذكرت في مقدمة شرحي لصحيح مسلم جملا من التنبيه على هذه الأشياء وشبهها مبسوطة واضحة ، ثم نبهت على تلك الدقائق والمحاسن في أثناء الشرح في مواطنها ، وعلى الجملة لا نظير لكتابه في هذه الدقائق وصحة الاسناد ، وهذا عندنا من المحققات التي لا شك فيها ، للدلائل المتظافرة
__________________
(١) المنهاج في شرح مسلم ١ / ٣٠ ـ ٣١.