ومنه ينقدح : ان الصحة والفساد أمران اضافيان ، فيختلف شيء واحد صحة وفسادا بحسب الحالات ، فيكون تاما بحسب حالة ، وفاسدا بحسب اخرى فتدبر جيدا (١).
______________________________________________________
فالاختلاف فيما هو المهم من الاثر لا يوجب اختلافا في المؤثر ، كما ان اختلاف مصاديق المؤثر الذي هو مصداق التام والصحيح من حيث كونه ركعتين في السفر وأربعة في الحضر ، ومع الطهارة المائية في حال الاختيار ، ومع الطهارة الترابية في حال الاضطرار ، أو مع القيام أو الجلوس ـ مثلا ـ ، أو مع الافعال نفسها ، أو الايماء بحسب اختلاف الحالات من الصحة والمرض والقدرة والعجز ، فان هذا الاختلاف لا يوجب اختلافا في مفهوم الصحيح والتام كما لا يخفى.
(١) لا يخفى ان الصحة والفساد حيث عرفت انهما يختلفان ، فيكون شيء واحد بحسب حالة صحيحا ، وبحسب حالة اخرى فاسدا ، فان الصلاة التامة الأجزاء والشرائط تقع فاسدة من المريض الذي يضره القيام ـ مثلا ـ أو من المسافر الذي عليه ركعتان ، لا اربع ركعات ، وتقع صحيحة من الحاضر وغير المريض. فاذا الصلاة الواحدة بالاضافة الى حالة تصح ، وبالاضافة الى اخرى تفسد ، فصحتها وفسادها من الامور الاضافية ، وليسا من المتضائفين ، لان المتضائفين : هما المتقابلان اللذان متى نتعقل احدهما نتعقل الآخر. ومن البين انا نتعقل الصحيح ولا نتعقل الفاسد حال تعقلنا للصحيح.
وحيث عرفت : ان الصحيح ما يترتب عليه الاثر ، والفاسد ما لا يترتب عليه الاثر ، تعرف ان الصحة والفساد متقابلان بتقابل العدم والملكة ، فان الفساد عدم الاثر مما يترقب منه ترتبه ، فان من رمى حصاة في غير منى وفي غير ايام رمي الجمار ، لا يوصف رميه بالفساد ، بخلاف من رمى جمرة العقبة ولم يصب ، فانه يوصف رميه بالفساد.