لا يوجبه اختلافها بحسب الحالات ، من السفر والحضر ، والاختيار والاضطرار ... الى غير ذلك ، كما لا يخفى (١).
______________________________________________________
(١) لا يخفى ان الفقيه فسر الصحيح بما يسقط القضاء والاعادة ، والمتكلم فسره بما يوافق الامر ، ولازم هذين التفسيرين ظاهرا هو ان الصحة عند الفقيه هي إسقاط القضاء والاعادة ، وعند المتكلم هي موافقة الامر ، وحيث لا يعقل ان يكون الموضوع له اللفظ هو الصحيح بدخول حيثية اسقاط القضاء عند الفقيه في حقيقته ، ولا بدخول حيثية موافقة الامر كذلك عند المتكلم ، لوضوح ان حيثية اسقاط القضاء وحيثية موافقة الأمر لا يعقل تحققهما الّا بعد تعلق الامر بالشيء ، فانه بعد تعلقه به يكون ذلك الشيء اذا أتى به يوجب سقوط الأمر ، ويوجب موافقته ، والمفروض ان الصحيح بما انه هو الصحيح يكون متعلقا للأمر في قول الآمر : صلّ ، فاذا كانت حيثية الاسقاط ، وحيثية الموافقة دخيلتين في حقيقته المتوقفتين على الامر ، يكون الامر بما أنه داخل في الصحيح متعلقا ومتقدما ، وبما انه هو المتعلق بالصحيح متعلقا ومتقدما ، فيلزم عروض الشيء على نفسه ، لان المتعلق عارض على المتعلق ، وحيث ان المتعلق هو المتعلق ، فلازمه عروضه على نفسه ، وعروض الشيء على نفسه محال ، لان المعروض متقدم على العارض ، ولازمه تقدم المتأخر وتأخر المتقدم.
ومن هنا تسمعهم يقولون : لا يعقل اتحاد الحكم وموضوعه ، وحيث لا يعقل ان يكون مرادهم من الصحيح هو هذا ، فلا بد وأن يكون مرادهم من الصحيح هو التام ، فان التمامية هي معنى الصحة في اللغة ، ومن البعيد نقلها لمعنى آخر في مصطلحهم لعدم الداعي الى النقل ، ويكون التفسيران تفسيرا لها باللازم ، وانما اختلف التعبير عند الفقيه والمتكلم ، لأن المهم عند الفقيه هو الأثر من حيث اسقاط القضاء والإعادة ، فان مهمه بيان ما يلزم المكلف من حيث الاحكام ، والمهم عند المتكلم هو الثواب والعقاب ، بموافقة أمر الشارع ، وعدمه ، فلذلك فسرها الفقيه بالاسقاط ، والمتكلم بالموافقة ، لا لأن التمامية عند احدهما غيرها عند الآخر.