والمسائل عبارة عن جملة من قضايا متشتتة (١) جمعها اشتراكها في الدخل في الغرض الذي لأجله دون هذا العلم (٢) ، فلذا قد يتداخل بعض
______________________________________________________
هذا الجامع الواحد يترتب اثر واحد. فهذه المسائل إنما تؤثر أثرا واحدا ، ويترتب عليها غرض واحد لانطباق الجامع الواحد عليها ، ولو اثرت بنفسها بلا جامع للزم ان يترتب الواحد على الكثير بما هو كثير ، ولو كان موضوع العلم مغايرا لموضوع المسألة لكانت هذه المسائل بنفسها هي المؤثرة لذلك الاثر الواحد وهو غير معقول.
يرد عليه : ان قاعدة الواحد لا يصدر الّا عن الواحد إنما هي في الواحد الشخصي ، لا الواحد النوعي ، والاثر الموحد للعلم هو واحد نوعي ، وبالعنوان لا واحد بالشخص ، كالاستنباط ـ مثلا ـ فانه واحد بالعنوان لا بالشخص ، وصدور الكثير من الواحد بالنوع لا اشكال فيه ، فان الواحد النوعي والواحد بالعنوان كثير في مقام الوجود والتشخص فلا مانع من صدور الكثير عنه.
(١) يظهر من هذا : أن العلم هو نفس هذه المسائل ، فأسامي العلوم أسام لنفس هذه المسائل لا للعلم بها ، ويدل على ذلك : ان العلم هو الذي يبحث فيه عن عوارضه الذاتية ، ولا شبهة ان الرفع ـ مثلا ـ المبحوث عنه في باب الفاعل من علم النحو إنما يعرض نفس الفاعل ، لا الفاعل المعلوم. فهذه العوارض عوارض لنفس موضوعات المسائل المنطبق عليها موضوع العلم ، ولازم ذلك أن يكون العلم هو نفس المسائل ، واسمه اسما لهذه المجموعة ، لا العلم المتعلق بها. فالنحو ـ مثلا ـ اسم لهذه المسائل المدونة في النحو لا العلم بها ، هذا اولا.
ثانيا : أن العلم والجهل يردان على مسميات هذه العلوم ، فيقال : فلان عالم بالنحو أو جاهل به ، وعالم بالاصول ، أو جاهل به. ولو كان مسمى هذه الأسماء هو العلم لما صح هذا الاطلاق ، لأن المقابل لا يقبل المقابل ، فالعلم لا يعقل أن يكون جهلا بالجهل ، فالجهل لا يرد على العلم وإنما يرد على متعلق العلم ، وكذلك العلم