الثاني لا يذهب عليك أن الاجزاء في بعض موارد الاصول والطرق والامارات ، على ما عرفت تفصيله ، لا يوجب التصويب المجمع على بطلانه في تلك الموارد ، فإن الحكم الواقعي بمرتبته محفوظ فيها ، فإن الحكم المشترك بين العالم والجاهل والملتفت والغافل ، ليس إلا الحكم الانشائي المدلول عليه بالخطابات المشتملة على بيان الاحكام للموضوعات بعناوينها الاولية ، بحسب ما يكون فيها من المقتضيات ، وهو ثابت في تلك الموارد كسائر موارد الامارات ، وإنما المنفي فيها ليس إلا الحكم الفعلي البعثي ، وهو منفي في غير موارد الاصابة ، وإن لم نقل
______________________________________________________
النادرة الوقوع ، واما على المعتاد فلا ينكشف له الخلاف ويكون دائما يأتي بما هو الناقص استنادا الى جعل الطريق ، ومع هذا دل الدليل على الاجزاء فحينئذ لا بد وان يكون الناقص المستند في اثباته الى الطريق المعتبر متمما لما فات من مصلحة الواقع لمصلحة التسهيل ـ مثلا ـ لئلا يلزم على الحكيم تفويت المصلحة اللازمة ، واما اذا كان له طريق آخر قد جعله له الشارع ، ولكنه هو قد اخطأه وتوهم ان الطريق غيره ، ومع ذلك قد دل الدليل على الاجزاء ، فهنا لا بأس : بان يكون ما أتى به مشتملا على بعض المصلحة وتكون المصلحة الباقية من الواقع غير ممكنة الاستيفاء بعد الاتيان بالناقص.
فاتضح مما ذكرنا : ان الاجزاء في ما ذكرنا من القطع والامارات على الطريقية ليس للحجية الذاتية او المجعولة ، بل الاجزاء لكون ما اتى به بذاته من باب الصدفة والاتفاق مشتملا على تمام المصلحة تارة ، وعلى بعضها اخرى ، وليس لنفس حجية القطع او الامارات على الطريقية اقتضاء للاجزاء ، ولذا قال (قدسسره) : «فالاجزاء ليس لاجل اقتضاء الامر القطعي» التخيلي «او الطريقي» التخيلي تارة وغير التخيلي اخرى «للاجزاء بل انما هو» : أي الاجزاء «لخصوصية اتفاقية في متعلقها» أي ذات ما أتى به.