ثانيها : الظاهر أن المراد من الاقتضاء هاهنا الاقتضاء بنحو العلية والتأثير ، لا بنحو الكشف والدلالة ، ولذا نسب إلى الاتيان لا إلى الصيغة (١).
______________________________________________________
(١) لا يخفى ان عنوان هذا المبحث اشتمل على الفاظ لا بد من تفسيرها ليتضح العنوان المبحوث عنه ، وقد تقدم الكلام في لفظ (على وجهه) وما المراد منه.
وفي هذا الثاني يتكلم في لفظ الاقتضاء وما هو المراد منه ، ولفظ الاقتضاء قد يطلق ويراد منه العلية والتاثير ، كما يقال : النار تقتضي الاحراق ، وقد يطلق ويراد منه الدلالة والكشف ، فيقال : البرهان الفلاني يقتضي كذا ، او الاطلاق في مقام يقتضي كذا.
فهل المراد من الاقتضاء في هذا العنوان هو التاثير والعلية ، أو الكشف والدلالة؟ والذي نسبه إلى نفس الاتيان كالمصنف لا بد وان يريد منه ـ حينئذ ـ هو العلية والتاثير ، لأن معنى كون الإتيان مقتضيا للاجزاء هو كون الماتي به المشتمل على كل ما له في تحقق الغرض الداعي الى الامر لا بد وان يسقط الامر عند الاتيان به ، لحصول الغرض الذي دعا اليه ، فالاتيان له التاثير بنفسه الى انتهاء امد الامر وسقوطه ، لحصول تمام الغرض الداعي الى الامر عن الاتيان بالمامور به على وجهه ، ولذا قال (قدسسره) : «الظاهر ان المراد من الاقتضاء هاهنا الاقتضاء بنحو العلية والتاثير» واشار الى ان الدليل على كون المراد منه هو العلية والتاثير نسبته الى نفس الاتيان في العنوان.
واما من نسبه الى الامر فقال هل الامر بشيء يقتضي الاجزاء؟ لا بد وان يريد منه الدلالة والكشف ، فانه لا معنى لأن يكون نفس الامر بشيء موجبا للتاثير في سقوط نفسه ، بل المراد منه انه يدل ويكشف على انه اذا اتى بالمامور به على وجهه يسقط حينئذ.