ان الامر الأول إن كان يسقط بمجرد موافقته ، ولو لم يقصد به الامتثال ، كما هو قضية الامر الثاني ، فلا يبقى مجال لموافقة الثاني مع موافقة الأول بدون قصد امتثاله ، فلا يتوسل الآمر إلى غرضه بهذه الحيلة والوسيلة ، وإن لم يكد يسقط بذلك ، فلا يكاد يكون له وجه ، إلا عدم حصول غرضه بذلك من أمره ، لاستحالة سقوطه مع عدم حصوله ، وإلا لما كان موجبا لحدوثه ، وعليه فلا حاجة في الوصول إلى غرضه إلى وسيلة تعدد الامر ، لاستقلال العقل ، مع عدم حصول غرض الآمر بمجرد موافقة الامر بوجوب الموافقة على نحو يحصل به غرضه ، فيسقط أمره هذا كله إذا كان التقرب المعتبر في العبادة بمعنى قصد الامتثال (١).
______________________________________________________
(١) وهذا هو الجواب الثاني ، وحاصله : انه لا يمكن ان يتوصل الآمر الى تمام غرضه بامرين كما ذكر : امر متعلق بذات العبادة ، وامر ثان يتعلق باتيانها بقصد القربة والامتثال ، لأن الامر الأول المتعلق بذات العبادة اما ان يسقط بمجرد اتيان ذات العبادة من دون قصد القربة ويكون حاله حال الامر الثاني المتعلق باتيانها بقصد امرها ، فان الامر الثاني لا اشكال في سقوطه بمجرد اتيان متعلقه لأن متعلقه عبادة بذاته ، فان قصد الاتيان بداعي الامر هو من العبادات الذاتية لانه مضاف الى الله بنفسه ، وهذا هو معنى قوله (قدسسره) : «كما هو قضية الامر الثاني» : أي الامر المتعلق بنفس قصد القربة ، وعلى هذا : أي اذا كان الامر الأول يسقط بمجرد اتيان ما تعلق به وهو ذات العبادة فلا محالة لا يبقى مجال لامتثال الامر الثاني ، مع حصول الموافقة للامر الأول وسقوطه باتيان ما يوافق امره الذي تعلق به لأن الامر الثاني على الفرض متمم للامر الأول ، وقد فرضنا سقوط الامر الاول بموافقته فلا يبقى مجال لتتميمه بالامر الثاني ، اذ لا داعي للتتميم مع حصول الموافقة له. هذا اذا كان يسقط الامر الاول بمجرد موافقته باتيان ذات العبادة لا بقصد القربة.