رابعها : دعوى القطع : بأن طريقة الواضعين ، وديدنهم وضع الالفاظ للمركبات التامة ، كما هو قضية الحكمة الداعية اليه. والحاجة وان دعت احيانا ـ الى استعمالها في الناقص أيضا ، إلّا انه لا يقتضي ان يكون بنحو الحقيقة ، بل ولو كان مسامحة ، تنزيلا للفاقد منزلة الواجد.
والظاهر ان الشارع غير متخط عن هذه الطريقة. ولا يخفى ان هذه الدعوى وان كانت غير بعيدة الّا انها قابلة للمنع ، فتأمل (١).
______________________________________________________
في غير المسجد يكون قرينة على انه لم يرد نفي الحقيقة حقيقة وواقعا ، بل اريد نفي الحقيقة ادعاء ، والدليل على ان المراد نفي الحقيقة ادعاء : انه بعد قيام الدليل على صحة الصلاة تكون هذه التراكيب مما يستفاد منها المبالغة ، ولو كانت مستعملة في نفي الصفة ، لا نفي الحقيقة لما دلت على المبالغة ، فدلالتها على المبالغة دليل على ان المراد نفي الحقيقة لكن ادعاء ، لا حقيقة حتى تكون دالة على المبالغة.
(١) هذا هو الدليل الرابع على كون الموضوع له في هذه الالفاظ هو الصحيح ، لا الاعم.
وحاصله : انا استقرينا طريقة العقلاء فيما كان لهم مركب ذو أثر ، فان طريقتهم على وضع اللفظ للمركب التام المؤثر ، وهو الصحيح ، والشارع رئيس العقلاء ، فلا يتخطى طريقتهم في وضع الالفاظ لهذه المركبات المخترعة له ، فلا بد وان يكون قد وضع اللفظ لخصوص الصحيح فيها وانما كانت طريقة العقلاء في مركباتهم ذات الاثر تدعو إلى الوضع للصحيح ، لأن حاجتهم الغالبة هي ارادة المؤثر ، وهو الذي يحتاجون إلى افهامه والدلالة عليه ، وهذه الحاجة هي التي تدعوهم للوضع للصحيح المؤثر ، فاتباع الحكمة في اعمال العقلاء تدعو إلى وضع الالفاظ في المركبات لخصوص المؤثر التام الصحيح ، وهم وان احتاجوا في بعض الاحيان إلى استعمالها في الناقص وغير المؤثر ، إلّا انها حاجة غير غالبة ، والحكمة تدعو الى الوضع الى ما فيه الحاجة الغالبة.