مسألة ٣٨٢ : بيع المرابحة مبنيّ على الأمانة ؛ لاعتماد المشتري بنظر البائع واستقصائه وما رضيه لنفسه ، فيرضى المشتري بما رضيه البائع من زيادة يبذلها ، فيجب على البائع حفظ الأمانة بالصدق في الإخبار عمّا اشترى به وعمّا قام به عليه إن باع بلفظ القيام ، فلو اشترى بمائة ثمّ خرج عن ملكه ثمّ اشتراه بخمسين ، فرأس ماله خمسون ، ولا يجوز ضمّ الثمن الأوّل إليه.
ولو اشتراه بمائة وباعه بخمسين ثمّ اشتراه ثانياً بمائة ، فرأس ماله مائة ، ولا يجوز أن يخبر بمائة وخمسين لأجل خسرانه الخمسين.
ولو اشتراه بمائة وباعه بمائة وخمسين ثمّ اشتراه بمائة ، فإن أراد بيعه مرابحةً بلفظ رأس المال ، أو بلفظ « ما اشتريت » أخبر بمائة. ولا يلزمه أن يحطّ عنه ربح البيع الأوّل ، كما لم يجز في الصورة الأُولى ضمّ الخسران إلى المائة وبه قال أبو يوسف ومحمّد والشافعي (١) لأنّ الثمن الذي يخبر به هو الذي يلي بيع المرابحة ، والذي يلي بيع المرابحة مائة ، فجاز أن يخبر بها ، كما لو لم يربح فيها.
وقال أبو حنيفة وأحمد : يجب أن يحطّ ربح البيع الأوّل فيمن يخبر ، فيضمّ أحد العقدين إلى الآخر ؛ لأنّ المرابحة تضمّ فيها العقود ، فيخبر بما يقوم عليه ، كما تضمّ اجرة الخيّاط والقصّار ، فيخبر بما يقوم عليه ، وقد استفاد بهذا العقد الثاني تقرير الربح في العقد الأوّل ؛ لأنّه أَمِن به أن يردّ عليه بعيب ، فلا ينقل بعض ما استفاد للعقد بجميع الثمن (٢).
__________________
(١) بدائع الصنائع ٥ : ٢٢٤ ، المغني ٤ : ٢٨٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١١٦ ، التهذيب للبغوي ٣ : ٤٨٣ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٨١ ، حلية العلماء ٤ : ٢٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٨٨.
(٢) بدائع الصنائع ٥ : ٢٢٤ ، المغني ٤ : ٢٨٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١١٦ ١١٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ٢٨١ ٢٨٢ ، حلية العلماء ٤ : ٢٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٢.