إذا عرفت هذا ، فلو دفع المشتري إلى البائع العين ناقصةً مع الأرش ورضي البائع ، أو دفع البائع الأرش ورضي المشتري ، فلا بحث.
وإن رضي البائع به معيباً بالعيب المتجدّد عند المشتري مجّاناً ، لم يجب على المشتري القبول ، بل له المطالبة بالأرش ؛ لأنّه حقّه.
وقال الشافعي : إمّا أن يردّه المشتري ، أو يقنع به معيباً مجّاناً (١).
وإن تنازعا فدعا أحدهما إلى الإمساك وغرامة أرش العيب القديم ، ودعا الآخر إلى الردّ مع أرش العيب الحادث ، أُجبر المشتري على الإمساك مع الأرش ؛ لأنّ الأصل أن لا يلزم المشتري تمام الثمن إلاّ بمبيعٍ سليم ، فإذا تعذّر ذلك ، الزم بالعين مع جبرها بعوض الجزء الفائت منها.
وللشافعيّة أقوال :
أحدها : أنّ المتّبع رأي المشتري ، ويُجبر البائع على ما يقع له ؛ لأنّ الأصل أن لا يلزمه تمام الثمن إلاّ بمبيعٍ سليم ، فإذا تعذّر ذلك ، فُوّضت الخيرة إليه. ولأنّ البائع والمشتري قد استويا في حدوث العيب عندهما ولا بدّ من إثبات الخيار لأحدهما ، فإثباته للمشتري أولى ؛ لأنّ البائع ملبّس بترويج المبيع ، فكان رعاية جانب المشتري أولى ، فيتخيّر المشتري حينئذٍ بين أن يردّه ويدفع أرش العيب الحادث عنده ، وبين أن يمسكه ويأخذ أرش العيب القديم ، وبهذا الوجه قال مالك وأحمد ، وهو قول الشافعي في القديم.
الثاني : أنّ المتّبع رأي البائع ؛ لأنّه إمّا غارم أو آخذ ما لم يردّ العقد عليه.
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٢٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٤١.