فعلى الانحطاط هل للمشتري الخيار؟ للشافعي قولان :
أظهرهما : نفي الخيار ؛ لأنّه قد رضي بالأكثر فبالأقلّ أولى.
والثاني وبه قال أبو حنيفة أنّه يثبت الخيار ؛ لأنّه إن بان كذبه بالإقرار لم يؤمن كذبه ثانياً وثالثاً. وإن بان بالبيّنة على الشراء أو بالبيّنة على الإقرار ، فقد يخالف الباطن الظاهر. ولأنّه قد يكون له غرض في الشراء بذلك المبلغ لتحلّة قسمٍ أو إنفاذ وصيّة ونحوها (١).
وللشافعيّة طريق آخر : أنّ القول الأوّل محمول على ما إذا تبيّن كذب البائع بالبيّنة ، والثاني على ما إذا تبيّن بالإقرار. والفرق : أنّه إذا ظهر بالبيّنة خيانته ، لم تؤمن خيانته من وجهٍ آخر ، والإقرار يشعر بالأمانة وبذل النصح. والطريقة الاولى أظهر عندهم (٢).
فإن قلنا : لا خيار له ، أو قلنا : له الخيار فأمسك بما يبقى بعد الحطّ ، فهل للبائع الخيار؟ للشافعيّة وجهان ، وقيل : قولان :
أحدهما : نعم ؛ لأنّه لم يسلم له مسمّاه في العقد.
وأظهرهما : المنع ؛ لاستبعاد أن يصير تلبيسه أو غلطه سبباً لثبوت الخيار له (٣).
ومنهم مَنْ خصّ الوجهين بصورة الخيانة ، وقطع بثبوت الخيار عند الغلط (٤).
مسألة ٣٩٧ : قد بيّنّا مذهبنا في ظهور كذب إخبار البائع ، وأنّ المشتري يتخيّر ولا يحطّ شيئاً ، وهو أحد قولي الشافعي (٥). وحينئذٍ إنّما يثبت الخيار
__________________
(١) المهذّب للشيرازي ١ : ٢٩٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩١.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩١.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩١.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٥ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩١.
(٥) انظر : المصادر في الهامش (٤) من ص ٢٣٤.