صدفة.
فالمتحصل ، ان المنشأ الأساسي لوقوع التزاحم بين الحكمين جعل الشارع كلا الحكمين في عرض واحد ، ولازمه اقتضاء كل منهما لامتثاله في عرض اقتضاء الآخر له ، وعدم قدرة المكلف على الجمع بينهما في مرحلة الامتثال اتفاقا ، فإذا تحقق هذان الامران تحققت المزاحمة بينهما ، وإذا انتفى احد الامرين لا مزاحمة أصلا.
ثم ان للمحقق النائيني (ره) (١) كلا ما في المقام وهو ان التزاحم قد ينشأ من شيء آخر لا من عدم قدرة المكلف ، ومثل له بما إذا صار المكلف واجدا للنصاب الخامس من الإبل الذي يجب فيه خمس شياه ثم بعد انقضاء ستة اشهر مثلا ملك ناقة أخرى ، فحصل النصاب السادس ، الذي يجب فيه بنت مخاض. فإن المكلف وان كان قادرا على دفع خمس شياه بعد انقضاء ستة اشهر من ملكه للنصاب الخامس ، وعلى دفع بنت مخاض بعد مضي حول النصاب السادس ، الا ان قيام الدليل على ان المال الواحد لا يزكَّى في عام واحد مرتين ، اوجب التزاحم بين الحكمين.
ولكن يرد عليه ان قيام الدليل المذكور ، يوجب العلم بتقييد ، ما دل على وجوب خمس شياه على من ملك النصاب الخامس ، ومضى عليه الحول ، أو ما دلَّ على وجوب بنت مخاض على من ملك النصاب السادس ومضى عليه
__________________
(١) أجود التقريرات ج ١ ص ٢٨٥ (الخامس : موارد التلازم الاتفاقي) وفي الطبعة الجديدة ج ٢ ص ٥٣.